vendredi 28 décembre 2012

مسطرة التعرض على مطالب التحفيظ بين النصوص المنظمة وواقع الإشكالات العملية


مسطرة التعرض على مطالب التحفيظ بين النصوص المنظمة وواقع الإشكالات العملية

ذ بصري هشام 

إطار محافظ بالوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية 




مسطرة التعرض على مطالب التحفيظ بين النصوص المنظمة وواقع الإشكالات العملية

تمهيد 

تعتبر مباشرة الإجراءات المسطرية المتعلقة بتحفيظ الأملاك العقارية من صميم عمل المحافظ الذي يعد بحق الساهر الأول على سلامتها وصحتها(الفصل 30 من ظ ت ع)، وذلك تثبيتا وصونا لحق الملكية وكذا للحقوق العينية المرتبطة به. 

ولعل ورود التعرضات على مطالب التحفيظ ليعد من أبرز النتائج على نجاعة هاته الإجراءات و التي من بينها الإشهار الموسع للملك سواء عبر النشر بالجريدة الرسمية و التعليق لدى المحكمة و السلطة المحلية الواقع بنفوذها الملك المذكور، وذلك دون أن نغفل الإشارة إلى عملية التحديد و ما لها من أثر واضح على تنبيه العموم إلى خضوع العقار بأبعاده و حدوده إلى عملية تحفيظ وشيكة. 

و إذا كان الهدف من تسجيل التعرضات على مطالب التحفيظ المودعة يتجلى في تمكين أي شخص من منازعة جدية لطالب التحفيظ بخصوص أرض الملك(تعرض كلي أو جزئي) أو مداه(تعرض على حقوق مشاعة) أو حدوده أو ادعاء ممارسة حق من الحقوق العينية (الفصل 24 من ظ ت ع)؛ فانه للأسف الشديد نجد في حالات عديدة نماذج للتعرضات الكيدية و التعسفية الصادرة عن أشخاص يحترفون عملية التعرض على مطالب التحفيظ وذلك بقصد ابتزاز أصحابها أو على أحسن تقدير عرقلة إجراءات تحفيظ ممتلكاتهم دون موجب حق ؛ حيث يسلكون في ذلك عدة طرق منها عدم التصريح بعنوانهم الحقيقي وعدم أداء الوجيبة القضائية و حقوق المرافعة و عدم الإدلاء بالحجج المؤيدة. 

من هنا كان لزاما علينا أن نساءل مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 12 غشت 1913 لنكشف عن مدى قصورالنص القانوني في صد وردع كل عمل أو تصرف يدخل في باب الإضرار بنجاعة وفعالية الإجراءات المسطرية الجاري بها العمل على صعيد جميع المحافظات ، خصوصا مع اعتبار المعطى المتمثل في تزايد ملفات المطالب العالقة بسبب التعرضات التي تعذر استكمال إجراءات إيداعها كما يستوجبه ذلك القانون. 

فالظهير المؤرخ في 12غشت 1913الصادر بشأن التحفيظ العقاري ينظم مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ وذلك في الفصول 23- 24- 25 - 26- 27- 28- 29- 31 و 32 .سنعمل 
بداية على التعريف بهاته المسطرة كما جاءت بها المقتضيات أعلاه من الظهير المذكور(فقرة أولى).ثم بعد ذلك نعرض في قراءة نقدية لأبرز مكامن الخلل و القصور في هاته المسطرة (فقرة ثانية)

الفقرة الأولى :التعريف بمسطرة التعرض وفقا للظهير المؤرخ في 12/08/1913
 

-وقت التعرض : يعتبر التعرض على مسطرة التحفيظ من بين الإجراءات الموقوتة التي يتعين حتما أن تنجز داخل أجال معينة تبتدئ من تاريخ إدراج المطلب إلى حين انصرام أجل شهرين من تاريخ نشر الإعلان عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية و ذلك تحت طائلة سقوط حق التعرض (الفصل 23- 24 و 27 من ظ ت ع 

-نوع التعرض :يشير الفصل 24 من الظهير المذكور إلى إمكانية التعرض على حق الملكية في كنه (وهو إما تعرض كلي أو جزئي)أو مداه(تعرض على حقوق مشاعة) أو حدوده أو بممارسة حق من الحقوق العينية المحتمل تقييدها بالرسم العقاري المراد تأسيسه للملك الجارية مسطرة تحفيظه .و هو مالا يدع مجالا للشك إلى كون المشرع اقتصر في قبول التعرض على كل مطالبة بحقوق عينية دون الحقوق الشخصية(الوعد بالبيع والحقوق الدائنية 

-شكليات طلب التعرض : تبعا للفقرة الأولى من الفصل 25 من ظ ت ع يمكن التقدم بطلب التعرض عن طريق تصريح شفوي لدى المحافظة العقارية أو المحكمة الابتدائية أو القائد المتواجد بدائرة نفوذه العقار موضوع مطلب التحفيظ. يقوم بعدها هؤلاء المتدخلون بانجاز تقرير للحضور في نسختين يضمن فيه التصريح الشفوي للمتعرض الذي يجب أن يتضمن لزوما الإشارة إلى نوع التعرض و الحجج المؤيدة له مع العمل على إيداعها تزامنا مع تقديم التصريح المذكور. نضيف كذلك تصريح المتعرض بمنازعته لطالب التحفيظ أمام المساح المحلف المنتدب لعملية التحديد (الفصل 20). كما يمكن التقدم بطلب التعرض أمام نفس المتدخلين أعلاه عن طريق رسالة مكتوبة مع اشتراط توفر نفس البيانات المفصلة أعلاه (الفقرة الثانية من الفصل 25 

و تطرق المشرع في الفقرة السادسة من نفس الفصل إلى إمكانية تضمين المحافظ للتعرض بسجل التعرضات بالرغم من عدم الإدلاء بالحجج و الوثائق المؤيدة له مع مطالبته بها عبر إنذاره بإيداعها تحت طائلة أداء غرامة مالية طبقا لمقتضيات الفصل 48 من ظ ت ع. 

وبخصوص الصفة في إقامة التعرض ألزم المشرع كل من يقيم تعرضا في اسم الغير أن يثبت هويته وأن يدلي بما يفيد نيابته القانونية عن منوبيه مع بيان حالتهم المدنية.(الفصل 26 من ظ ت ع 

إعلام طالب التحفيظ بالتعرضات : يشير الفصل 31 في فقرته الأولى إلى تبليغ مضمون التعرضات إلى طالب التحفيظ الذي يقوم داخل أجل شهر من تاريخ اختتام مسطرة التحفيظ بمحاولة الحصول على التنازل عن التعرض أو القبول به.و في حالة عدم حصوله على التنازل يمكنه أن يطلب من المحافظ أن يعمل على تحفيظ ملكه في حدود الجزء الغير المشمول بالنزاع(الفقرة الثالثة من الفصل 31 

سلطات المحافظ إزاء التعرضات : يعمل المحافظ على مصالحة المتعرض و طالب التحفيظ خلال جميع أطوار المسطرة, و ما دام لم يوجه ملف مطلب التحفيظ إلى المحكمة. ويبرم المحافظ محضر صلح بالاتفاق بين الأطراف تكون له قوة الالتزام العرفي (الفقرة الأخيرة من الفصل 31).وفي حالة عدم حصول الصلح أو تمكن طالب التحفيظ من الحصول على التنازل عن التعرض أو القبول به لمصلحة المتعرض , فان المحافظ يعمل على توجيه إنذار ثان و أخير إلى المتعرض قصد الإدلاء بالحجج داخل أجل 3 أشهر التالية لتاريخ تبليغه تحت طائلة عدم قبول المحكمة لآي وثيقة غير تلك المودعة بملف المطلب المحال عليها.و قد رتب المشرع على عدم الإدلاء بالحجج إمكانية إلغاء المحافظ للتعرض بعد بحث يجريه بهذا الخصوص(فقرة أولى وثانية من الفصل 32 

كما أن عدم أداء الوجيبة القضائية و حقوق المرافعة عن التعرض بعد انصرام أجل 3 أشهر من تاريخ تبليغه يؤدي إلى اتخاذ المحافظ قرارا بإلغاء التعرض.(فقرة رابعة من الفصل 32 

الفقرة الثانية: قراءة نقدية لمكامن الخلل و القصور في النصوص المنظمة لمسطرة التعرض
 

ما فتئ النقاش يتزايد بخصوص عدم ملائمة التشريع المطبق على مسطرة التعرض مع واقع الممارسة العملية اليومية.هدا الواقع الذي بدوره يكشف عن أزمة حقيقية في معالجة العديد من المطالب العالقة بسبب وجود تعرضات لم تستكمل بعد كافة إجراءاتها بهدف إحالتها بعد ذلك على أنظار القضاء المخول له وحده صلاحية البت في صحتها من عدمه. 

ولا يخفى على الجميع أهمية تسوية هاته المنازعات العقارية قصد تصفية الوعاء العقاري الذي يشكل رصيدا و طنيا لاحتضان مشاريع تنموية تدعم نمو اقتصاد بلادنا. 

إن مقاربة هذه الإشكالات العملية يقتضي منا بالضرورة التطرق لصور تلقي التعرضات ونورد بهذا الصدد الحالات التالية : 

-محاضر تلقي التصريحات الشفوية بالتعرض من طرف ذوي الحقوق:
 

يعتبر تلقي طلبات التعرض من المهام الموكولة لأكثر من جهة كما سبق وأسفنا الذكر، وان كان واقع الممارسة الاعتيادية يكشف غالبا عن تلقي التصريح بالتعرض من طرف المحافظ بمكاتبه و كذا المساح المحلف أثناء انجازه لعملية تحديد العقار بعين المكان. 

وإذا كان المحافظ أو أعوانه يتوفرون على قدر من المعرفة القانونية تؤهلهم لأجل انجاز تقرير حضور بإقامة التعرض استنادا إلى تصريح المعني بالأمر؛ فان الحال يختلف بالنسبة للمساح المحلف الذي يضبط الجانب التقني دون الجانب القانوني الذي يشكل إحدى الغايات من انجاز مسطرة التحديد.فالمشرع أشار في الفصل 20من ظ ت ع المنظم لمسطرة التحديد إلى ضرورة إجراء المحافظ أو نائبه أو المساح المحلف بتكليف و تحت رقابة المحافظ (الفصل 4 من الظهير المؤرخ في 1 يونيو1915 بخصوص المقتضيات الانتقالية لأجل تطبيق ض ت ع) لبحث قانوني حول واقع ومدة حيازة طالب التحفيظ وكذا حول وجود حقوق محتملة باستفسار المتدخلين في المسطرة والذين تم استدعائهم لحضور هاته العملية. 

هكذا نجد أن المشرع لم يتطرق إلى تكليف المساح المحلف شخصيا باحترام ضوابط تلقي المنازعات أو التعرضات أثناء البحث القانوني الذي قد يجريه وقت عملية التحديد مع ما قد يترتب على ذلك من مساءلة قانونية ما دام أن المحافظ في نظر المشرع هو المسؤول الأول و الأخير عن تسييروسلامة عملية التحديد. 

بيد أنه عمليا تجري الأمور خلافا للمقتضى السالف الذكر حيث أن عملية التحديد يتولاها دائما مساح محلف ينتدبه لأجل ذلك رئيس مصلحة المسح العقاري دون أن يراجع في ذلك المحافظ العقاري. 

و هكذا قد يقع أن يصرح أحد الحاضرين بتعرضه على الملك الجارية عملية تحديده فيقوم المساح المحلف بتلقي تعرضه بمحضر التحديد دون التدقيق في تصريحاته عن طريق الحصول على البيانات الكافية لقبول التعرض.ومن المخالفات التي نرصدها في هذا الإطار : 

-تلقي تعرضات لا تنصب على مطالبة بحقوق عينية بقدر ما ترتبط بحقوق شخصية 
- عدم الإشارة صراحة إلى طلب التعرض وفقا للفصل 24 بل يتم استعمال مفردات ابعد ما تكون متعلقة بالتعرض من قبيل "يدعى أنه متعرض" "يعترض على إجراء عملية التحديد" 
–النقص في البيانات المتعلقة بنوع الحق الذي يطالب به المتعرض (جزئي –كلي- حقوق مشاعة-الحدود-حقوق عينية ) 

- الإشارة بمحضر التحديد إلى أسماء بعض الحاضرين بصفتهم متعرضين دون تحرير محضر ملحق يتضمن البيانات المتعلقة بهويتهم الحقيقية و حالتهم المدنية و عنوانهم الحقيقي و ما يثبت نيابتهم عن الغير. 

-تلقي التعرض بالرغم من عدم وقوع عملية التحديد نتيجة لعدم حضور طالب التحفيظ في خرق سافر لمقتضيات الفصل 22 من ظ ت ع. 

-التقاعس عن مطالبة المصرح بتعرضه بالإدلاء بالحجج و الوثائق الضرورية. 

-عدم إمضاء المتعرض لتصريحه بالتعرض 

-التنصيص بالمحضر على أن التعرض صادر من طرف ''فلان''ومن معه أو"فلان"وورثة "علان" دون الإشارة إلى أسماء كافة المتعرضين و تحديد ما إذا كانوا حاضرين بأنفسهم أو بواسطة نائب عنهم. 

-الرسائل الكتابية حول طلبات التعرض:
 

تعتبر هذه الصورة من صور تلقي التعرضات من بين الأسباب الرئيسية لتفشي ظاهرة ما أصبح يعرف بالتعرضات الكيدية . 

ولئن كانت الغاية الأولى للمشرع تكمن في تبسيط الإجراءات المتعلقة بإقامة التعرض داخل الآجال القانونية -خصوصا بالنسبة للقاطنين بعيدا عن المنطقة المتواجد بها العقار- ، فان واقع الممارسة العملية يكشف لنا عن مساوئ هاته الصورة من صور تلقي التعرضات. 

فالمحافظ يتلقى يوميا الكثير من الرسائل العادية أو المضمونة التي يطلب أصحابها من خلالها تسجيل تعرضهم على مطالب تحفيظ دون يدققوا في رسائلهم البيانات الواجب احترامها لأجل قبول تعرضهم. فبالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه سلفا من مخالفات مرتبطة بضوابط تلقي التعرضات نضيف هنا حالة شائعة تتمثل في عدم تدعيم رسالة التعرض بالوثائق و الحجج المؤيدة.وفي هذه الحالة يقوم المحافظ بتضمين التعرض بكناش التعرضات(الفصل 25 فقرة سادسة) مع إنذار المعني بالأمر بالإدلاء بالحجج تحت طائلة أداءه لغرامة من 10 دراهم الى 1000 درهم(الفصل 48 من ض ت ع)، إذا ما اتضح أن التعرض ورد تعسفا وعن سوء نية.وهنا لا بد من التساؤل حول آليات تطبيق هذا الإجراء الزجري الرمزي- بالنظر إلى قيمته المادية الهزيلة- :لمن ينعقد الاختصاص للقضاء أم المحافظ ؟ ماذا عن الأجل المضروب لأجل إيداع الحجج المؤيدة؟وهل تؤدى الغرامة بصندوق المحافظة أم المحكمة؟ 

و على أية حال فالمحافظ يقوم مرة أخرى- عند اختتام مسطرة التحفيظ -بتوجيه إنذار ثان إلى المتعرض قصد إيداع الوثائق المدعمة لتعرضه داخل أجل 3 أشهر من تاريخ التبليغ، مع إشعاره بعدم قبول المحكمة لأية وثيقة غير تلك الموعة بملف مطلب التحفيظ (الفصل 32 فقرة أولى). وهنا لا مناص من التساؤل حول جدوى هذا التكرار في توجيه الإنذار غير تعقيد و إطالة أمد مسطرة التحفيظ؟ وهل فعلا لن تقبل المحكمة بأي وثيقة يدلي بها المتعرض خصوصا أن المشرع في الفصل 34 منح القاضي المقرر سلطات واسعة في مسطرة التحقيق لأجل تجهيز القضية بما فيها تلقي التصريحات الشفوية ؟ 

كما يمكننا أيضا أن نلمس هذا الأثر السلبي المتمثل في إطالة عمر المسطرة من خلال تخويل المشرع للمحافظ إمكانية الإبقاء على التعرض أو إلغاؤه في حالة عدم الإدلاء بالحجج أو عدم إثبات استحالة الإدلاء بها ، وذلك استنادا إلى بحث يقوم به هذا الأخير في الموضوع(الفصل 32 فقرة ثانية).وهنا تتناسل أسئلة كثيرة حول ملائمة هذا المقتضى القانوني للواقع العملي.فإذا كان بإمكان المحافظ الإبقاء على التعرض بالرغم من عدم الإدلاء بالحجج فما الجدوى إذا من المدد الإنذارية التي تمت إضافتها إلى عمر المسطرة بهدف تصحيح مسطرة التعرض؟ كما أن إمكانية احتفاظ المحافظ بالتعرض بالرغم من عدم الإدلاء بالحجج قد يؤمن جانب كثير من المتعرضين سيئي النية الدين يعمدون إلى الإضرار بالملاكين الشرعيين دون أي سند. 

وكما يمكن للمحافظ الإبقاء على التعرض يمكنه كذلك إلغاؤه.فإذا كان قرار إلغاء التعرض أداة فاعلة في مجال محاربة التعرضات التعسفية ، فانه قلما نجد في الواقع حالات إلغاء تعرضات بسبب عدم الإدلاء بالحجج.ومرد هذا الأمر في نظرنا إلى أمرين : 

-الأول يتعلق بصعوبة تكوين قناعة لدى المحافظ بعدم جدية التعرض حيث يعتمد في ذلك على بحث يجريه دون أن يشير المشرع إلى ضوابط ومساطر تعرف به. 

-الثاني ويتعلق بقابلية قرار المحافظ بإلغاء التعرض للطعن أمام المحكمة الابتدائية داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبيلغ المتعرض به.و هنا تثار إشكالات عملية أهمها عدم حصول تبليغ المتعرض بقرار الإلغاء حتى يتم احتساب الآجال القانونية للطعن. كما أنه وعلى فرض حصول تبليغ قرار الإلغاء فان المحافظ قد لا يعلم بوجود دعوى سارية أمام المحكمة بالطعن في قراره فيعمل على تحفيظ الملك بعد أن تم إلغاء التعرض و التشطيب عليه بسجل التعرضات. 

وفي نفس الموضوع قد يحصل أن يدلي المتعرض بوثائق يرفقها بطلب تعرضه ، إلا أنها لا تنطبق على أرض الملك محل المنازعة لا موقعا ولا حدودا أو لا تدل على التملك مطلقا (الإدلاء باراثة ، رسم إحصاء متروك،الإبراء من الإرث ...الخ).فهل يمكن الحديث عن سلطة المحافظ الرقابية على مدى ملائمة حجج المتعرض وبالتالي إمكانية إلغاء التعرض ليس فقط بسبب عدم الإدلاء بالحجج بل بسبب عدم كفايتها؟ 

وبالموازاة مع التساؤلات المثارة حول التعرضات العالقة بسبب عدم الإدلاء بالحجج نجد أن تساؤلات أخرى تطرح بنفس الحدة حول التعرضات العالقة بسبب عدم أداء الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة بصندوق المحافظة العقارية. 

ولعل أغلب الملفات التي يتم تدارسها تستوقفنا عند وجود إشكال في عدم حصول تبليغ الرسالة الإنذارية بأداء الرسوم القضائية عن التعرض المقيد بمقتضى رسالة أوتضمينات محضر التحديد.ومن صور هذا الإشكال: 

-عدم جدية بعض رجال السلطة المحلية في التعامل مع مهام التبليغات المنوطة بهم في إطار قوانين التحفيظ العقاري(بطء وتأخر في توجيه وصولات الإشعار باستلام الرسائل الإنذارية إلى المحافظ –تكليف أعوان سلطة بالتبليغ بالرغم من أنه ليست لهم دراية بأصول التبليغ ...الخ). 

- وفاة المتعرض قبل حصول تبليغه أو تبليغ أحد ورثة المتعرض الهالك من دون أن ينتقل هؤلاء إلى المحافظة العقارية قصد تحيين تعرض موروثهم. 

- تصريح المتعرض بعنوان غير كامل للمراسلة أو إدلاءه بعنوان غير حقيقي يتعذر معه الوصول إليه، بالرغم من كون المشرع ألزم كل متعرض بالتصريح بموطنه الحقيقي داخل النفوذ الترابي للمحافظة العقارية أوتعيين موطن مختار في الحالة المقابلة(الفصل 26 فقرة أولى).وإذا كان المشرع يعتبر أن التبليغ يقع صحيحا إلى وكيل الملك بصفته تلك (الفصل 26 فقرة ثانية من القرار الوزيري المؤرخ في 03 يونيو1915)، فانه لم يدقق في الشروط الموضوعية لسلوك هاته المسطرة، مما حدا بكثير من المحافظين إلى عدم تفعيلها خشية التشطيب على التعرض بعد تبليغه إلى وكيل الملك ثم يتم الطعن بعد ذلك في قرار المحافظ أمام القضاء.كما أن وكلاء الملك غالبا ما يمتنعون عن إمضاء وصولات الاستلام بتبليغهم وفقا للفصل 26 بداع عدم وقوفهم على فعالية إجراءات المحافظ بخصوص تبليغ المعني بالأمر بالعنوان المصرح به. 

وبالموازاة مع إشكال التبليغ نود أن نعرض كذلك لإشكال عملي يتمثل في عدم أداء أو التأخر في تسوية مبلغ الوجيبة القضائية عن التعرض المقدم من طرف الدولة والمؤسسات العمومية و الجماعات المحلية .ومرد هذا الأمر في نظرنا يعود الى : 

-حصول قناعة مغلوطة لدى بعض الهيئات الحكومية باستفادتها من الإعفاء من أداء الرسوم عن عمليات التقييد و التحفيظ بشكل شامل مع العلم أن استيفاء الوجيبة القضائية عن التعرض إنما تتم بدلا من كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية و لفائدتها. 

-تعقد المساطر الإدارية التي تسلكها هاته الهيئات الحكومية قصد أداء الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة عن التعرض. 

المراجع المعتمدة
 

- الظهير الشريف المؤرخ في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري ؛ 
- الظهير الشريف المؤرخ في 18 من رجب 1333 (فاتح يونيو 1915) المحدد لمختلف المقتضيات الانتقالية لتطبيق الظهير الشريف المتعلق بتحفيظ العقارات؛ 
- القرار الوزيري المؤرخ في 20 من رجب 1333 (3 يونيو 1915) الذي ينص على تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري 



مستجدات الطعون القضائية ضد قرارات المحافظ العقاري في ضوء القانون 14.07 ومقتضيات الدستور الجديد


مستجدات الطعون القضائية ضد قرارات المحافظ العقاري في ضوء القانون 14.07 ومقتضيات الدستور الجديد




مستجدات الطعون القضائية ضد قرارات المحافظ العقاري في ضوء القانون 14.07 ومقتضيات الدستور الجديد

ذ . عبد الرزاق عريش باحث في القانون

تقديم: 

خضع ظهير 31 رمضان 1333(12 غشت 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري لمجموعة من التعديلات في فترات متفرقة على امتداد قرن من الزمان بلغت سبعة عشر تعديلا كان أولها بواسطة الظهير الشريف الصادر في 29 ذي الحجة 1334 (27 أكتوبر 1916) وآخرها كان بواسطة القانون 14.07 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر2011) والذي بموجبه تم إدخال تعديلا ت همت جميع الفصول بدون استثناء إن على مستوى الشكل أو المضمون علاوة على ما لحق به من إضافات وهذا كله دون المساس بتاريخية النص وهيكلته العامة. 
وقد مست التعديلات نظام التحفيظ العقاري في مجمله إن على مستوى تحديد المفاهيم أو مسطرة التحفيظ الاختياري أو الإجباري أو التعرضات أو التقييدات أو التقييدات الاحتياطية أو التشطيبات أو المراقبة القضائية لقرارات المحافظ. 
وستقتصر مداخلتي على تناول مستجدات القانون 14.07 في مجال الطعون والمراقبة القضائية لقرارات المحافظ في ضوء مقتضيات الدستور المغربي الجديد. 
وبناء على ذلك أقترح تقسيم هذه الدراسة إلى ثلاثة محاور كالتالي: 
المحور الأول : وأتناول فيه مستجدات المراقبة القضائية لقرارات المحافظ المتعلقة بالتعرضات؛ 
المحور الثاني : وأخصصه لمستجدات المراقبة القضائية لقرارات المحافظ المتعلقة بالتحفيظ والتقييد والتشطيب؛ 
أما المحور الثالث: فأتساءل فيه عن مدى قدرة قرار التحفيظ على الاستمرار في الإفلات من الطعن في ضوء القانون 14.07 ومقتضيات المادة 118 الدستور. 
وسأعالج هذه المحاور الثلاث من خلال المطالب الثلاث الموالية. 


المطلب الأول 
مستجدات المراقبة القضائية لقرارات المحافظ المتعلقة بالتعرضات 


البند الأول 
المراقبة القضائية لقرار رفض التعرض المقدم داخل الأجل القانوني . 

يعتبر التعرض الوسيلة القانونية الوحيدة التي خولها المشرع لكل شخص بهدف حماية حقوقه أثناء جريان مسطرة تحفيظ عقار معين الهدف منه إظهار كافة الحقوق المترتبة على العقار موضوع مطلب التحفيظ، كما يعد التعرض من الضمانات الأساسية التي تبرر مبدأ الحجية المطلقة الممنوحة للرسم العقاري إذا ما تم احترام جميع إجراءاته ومساطره، وقد خصص المشرع المغربي في ظهير 12 غشت 1913 الفرع الرابع من الباب الثاني من القسم الأول لبحث موضوع التعرضات، كما بحث التعرض في فصول أخرى من القرار الوزيري الصادر في 3 يونيو 1915 المتعلق بتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري. 
و قد أخضع المشرع ممارسة التعرض لعدة شروط، وإجراءات سواء من حيث تحديد حالات التعرض و آجال تقديمه و الجهات المختصة بتلقيه وصلاحيات المحافظ العقاري بشأنه والجهة القضائية المختصة بالبت في الطعون الموجهة ضد القرارات المتخذة بشأنه، وهذا ما سنتطرق إليه في النقط الموالية أخذا في الاعتبار مستجدات قانون 14.07 . 

أولا- حالات التدخل في مسطرة التحفيظ عن طريق التعرض وآجال تقديمه:
 

أ‌- حالات التعرض 

بموجب القانون رقم 14.07 تم توسيع نطاق الحالات التي تستوجب التدخل في مسطرة التحفيظ عن طريق التعرض، فبعد أن كانت محصورة في الحالات التالية: 
1. حالة النزاع بشأن وجود حق الملكية؛ 
2. حالة النزاع بشأن مدى حق الملكية؛ 
3. حالة النزاع بشأن حدود العقار؛ 
4. حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع إنشاؤه. 
توسعت الحالات لتشمل حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من قانون التحفيظ العقاري، وهو ما يعرف بالتقييدات المصاحبة للعقار في طور التحفيظ. 

ب‌- الأجل القانوني للتعرض. 

فيما يتعلق بأجل التعرض لم يدخل عليه مشرع قانون 14.07 أي تغيير فهو يبتدئ من تاريخ إيداع مطلب التحفيظ لدى المحافظة العقارية و ينتهي بانتهاء أجل الشهرين الذي يبتدئ من يوم نشر إعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية. 

ثانيا- الجهات المسموح لها بتلقي التعرضات: 

كان ظهير12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري يسمح بتقديم التعرضات إما بصورة شفاهية أو كتابية إما للمحافظة العقارية أو للمحكمة أو للقائد أو لقاضي التوثيق أو السلطات المحلية، ويتعين على الجهات الأخرى غير المحافظة العقارية أن توجه مباشرة لهذه الأخيرة ما تتوصل به من تصريحات شفوية محررة في محاضر أو رسائل كتابية والتي يجب أن تبين فيها الحقوق والرسوم والوثائق المؤيدة للتعرضات، كما أوجب المشرع ضرورة أن تكون التعرضات مصحوبة بالمستندات ووسائل الإثبات المؤيدة له ( الفصل 25 فقرة 2 من ظ.ت.ع). 
غير أنه بصدور القانون رقم 14.07 المغير والمتمم لظهير 12 غشت 1913 المذكور تم تقليص الجهات المسموح لها بتلقي التعرضات وحصرها في جهتين فقط من داخل جهاز المحافظة العقارية وهما : 
1) المحافظ على الأملاك العقارية؛ 
2) المهندس المساح الطبغرافي المنتدب أثناء إجراء التحديد؛ 
وهذا ما يستشف من المقتضيات الجديدة للفصل 25 في فقرته الأولى التي جاء فيها: " تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إما للمحافظ على الأملاك العقارية، وإما للمهندس المساح الطبغرافي المنتدب أثناء إجراء التحديد. تضمن التصريحات الشفوية للمتعرض، بحضوره في محضر يحرر في نسختين تسلم إليه إحداهما". 
ويمكن القول بأن المحافظ على الأملاك العقارية يبقى الجهة الأصيلة المختصة بتلقي التعرضات منذ التوصل بمطلب التحفيظ وإلى غاية انتهاء أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية، أما المهندس المساح الطبغرافي المنتدب فاختصاصه بتلقي التعرضات يظل محصورا في الزمان والمكان أي أثناء وفي مكان مباشرته لعمليات التحديد. 
ثالثا- صلاحيات المحافظ على الأملاك العقارية بشأن التعرضات: 
بموجب ظهير 12 غشت 1913 يلزم المحافظ على الأملاك العقارية بما يلي: 
- تسجيل التعرضات مباشرة بسجل خاص سواء تلك التي يتلقاها مباشرة أو تلك التي يتوصل بها من الجهات الأخرى؛ 
- في حالة عدم تقديم الوثائق والمستندات المدعمة لتعرضه،يقوم المحافظ بتوجيه إنذار للمعنيين بالأمر من أجل إيداع الصكوك المذكورة مع تذكيرهم بمقتضيات الفصل 48 التي تنص على العواقب المترتبة عن كل تعرض تبث صدوره عن تعسف أو تكدير أو سوء نية( الفصل 25 فقرة 5 )؛ 
- يتعين على المحافظ العقاري تبليغ نسخ من التعرضات إلى طالب التحفيظ الذي يجب عليه داخل أجل شهر إثبات رفع التعرضات أو التصريح بقبولها (للفصل 31 من ظ.ت.ع )؛ 
- وعند انصرام هذا الأجل دون تمكن طالب التحفيظ من رفع التعرض، يوجه المحافظ للمرة الأخيرة إنذارا للمتعرضين لكي يقدموا إليه داخل أجل 3 أشهر من تاريخ توصلهم بالإنذار الرسوم والوثائق المؤيدة، فإذا لم يدلوا بها داخل الأجل المذكور، أو لم يثبتوا عدم إمكانية تقديمها خول المشرع للمحافظ إمكانية الإبقاء على التعرض أو اعتباره ملغى( الفصل 32 فقرة 2 )؛ 
وبموجب القانون 14.07، تم تخفيض الآجال المضروبة للمتعرضين من أجل الإدلاء بالوثائق والمستندات المؤيدة لتعرضهم بحيث يجب عليهم أن يودعوا السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض، وإذا لم يقدم المتعرض بعد انصرام هذا الأجل، الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضه، ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية، يعتبر التعرض لاغيا وكأن لم يكن. وغاية المشرع من تقليص الآجال هو تسريع مسطرة التحفيظ ووضع حد لطول الإجراءات من خلال إلغاء مسطرة الإنذارات الموجهة للمتعرضين للإدلاء بالمستندات والوثائق المدعمة لتعرضهم( إنذار أول غير محدد الآجل وإنذار ثان حدد أجله في ثلاثة أشهر)، والاكتفاء بأجل شهر يبتدئ من اليوم الذي ينتهي فيه أجل التعرض، يجب خلاله على كل المتعرضين إيداع السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم مع تأدية الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو الإدلاء بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية، وهنا قد تثور مشكلة ما إذا كان هذا الأجل كافي بالنسبة للمتعرضين المعوزين الراغبين في الحصول على المساعدة القضائية بالنظر لما تتطلبه هذه الأخيرة من مساطر وإجراءات. 
و يختص المحافظ وحده بصلاحية قبول أو رفض التعرضات إذ يجوز له أن يرفض أي تعرض لم يقدم في الأجل القانوني وذلك ما تؤكده المادة 27 من ظهير 12 غشت 1913 كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 التي تنص : "لا يقبل أي تعرض باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29 بعد انصرام أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان المذكور في الفصل 23 من هذا القانون بالجريدة الرسمية"، و تم تأكيد ذلك بالاجتهاد القضائي لمحكمة النقض في العديد من قراراتها حيث منعت محكمة التحفيظ العقاري من البت في قبول أو عدم قبول التعرض واعتبرته من اختصاص المحافظ العقاري وحصرت اختصاصها فيما هو موكول إليها طبقا للفصل 37 من ظ.ت.ع. 

رابعا- قابلية قرار إلغاء التعرض للطعن القضائي:
 

بموجب الفصل 32 فقرة 3 من ظهير التحفيظ العقاري كان قرار المحافظ برفض التعرض قابلا للاستئناف (الطعن ) أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه بصفة انتهائية واستعجالية، ويجب أن يقدم طلب الطعن داخل أجل 15 يوما ابتداء من تاريخ تبليغ قرار المحافظ إلى المتعرض؛ 
وقد أتيحت الفرصة للقضاء الإداري في عدة مناسبات ليبين موقفه من الطعون المحالة إليه ضد قرارات المحافظ برفض التعرض المقدمة داخل الأجل القانوني حيث صرح بعدم اختصاصه للبت في دعوى الإلغاء الموجهة ضد تلك القرارات وذلك استنادا إلى المادة 32 من ظهير 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري. 
وتأكد اختصاص القضاء العادي للنظر في الطعون المقدمة ضد قرارات المحافظ التي تندرج في إطار الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري بقرار محكمة النقض الصادر في 9/11/1995 الذي جاء فيه:" وحيث مع التأكيد على الطابع الإداري لكل قرارات المحافظ على الأملاك العقارية، فإن قراراته التي تندرج في إطار الفصل32 من ظ.ت.ع تخضع قانونا للطعن فيها أمام المحاكم العادية، " . 
لكن القانون رقم 14.07 أدخل تعديلا جوهريا بهذا الخصوص هو حذف الفقرة التي كانت تنص على إمكانية الطعن في قرار إلغاء التعرض أمام المحكمة الابتدائية، فما هي الآثار القانونية المترتبة عن هذا الحذف؟ 
يمكن إجمال هذه الآثار فيما يلي: 
1- لن يؤثر حذف هذه الفقرة على قابلية قرار المحافظ بإلغاء التعرض للطعن القضائي ما دام أن حق التقاضي هو حق دستوري يضمن لكل متضرر الحق في مخاصمة القرارات الإدارية ويدخل ضمنها قرار المحافظ برفض التعرض؛ 
2- سيترتب عن هذا التعديل تغيير في قواعد الاختصاص القضائي حيث سينتقل اختصاص البت في الطعن الموجه ضد قرار إلغاء التعرض لعدم تقديم الوثائق والرسوم المؤيدة إلى القضاء الإداري وفق المبادئ العامة المنصوص عليها في القانون رقم 41-90 بدل القضاء العادي وذلك بسبب انتفاء شرط الدعوى الموازية، وسينتج عن نقل الاختصاص إلى القضاء الإداري نتيجتين في غاية الأهمية: 
أ‌- الأولى تخص أجل الطعن ضد قرار إلغاء التعرض الذي سيصبح شهرين يحتسب ابتداء من تاريخ تبليغ القرار إلى المتعرض وفق مساطر التقاضي الإدارية أو من تاريخ العلم اليقيني بالقرار وفق الاجتهاد القضائي بعد أن كان أجل الطعن لمخاصمة هذا القرار أمام القضاء العادي هو 15 يوما، وهو أجل كان غير كافيا لإعداد ملف الطعن؛ 
ب‌- الثانية تخص الاستفادة من ضمانة التقاضي على درجتين أمام القضاء الإداري لفائدة الطاعن والمحافظ على الأملاك العقارية على السواء بعد أن كانا محرومين من هذه الضمانة أمام القضاء العادي حيث كان ظهير 12 غشت 1913 ينص بأن المحكمة الابتدائية تبت في الطلب بصفة انتهائية ما يعني أن الطرف الذي يصدر الحكم في غير مصلحته ليس أمامه إلا فرصة الطعن بالنقض. 
3- أما فيما يخص قرار إلغاء التعرض لعدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، فلم يكن أصلا يخضع للطعن القضائي بصريح النص حيث ظل المشرع ساكتا بشأنه، وكان الاتجاه يميل نحو إقرار قابليته للطعن القضائي أمام القضاء الإداري بحكم عدم وجود دعوى موازية وهو الاتجاه الذي سيظل ساري المفعول في ظل القانون 14.07 . 

البند الثاني 
المراقبة القضائية لقرار رفض التعرض المقدم خارج الأجل القانوني
 

لقد أحاط المشرع مسطرة التحفيظ بمجموعة من القواعد والآليات التي تهدف إلى تمكين جميع الأطراف التي لها علاقة بالعقار موضوع طلب التحفيظ من أجل إظهار حقوقها والدفاع عنها وحمايتها. 
ومن هذه القواعد، إشهار مطلب التحفيظ لاطلاع الغير على ادعاءات طالب التحفيظ، وتمكين كل من ينازع فيها بالإدلاء بتعرضه .غير أن تقديم التعرضات حدد له المشرع أجلا معينا يبتدئ من يوم تقديم مطلب التحفيظ وينتهي بانصرام مدة شهرين محسوبة من تاريخ نشر إعلان انتهاء التحديد المؤقت بالجريدة الرسمية، وبانصرام هذا الأجل يمكن أن يسقط حق التعرض . 
ويهدف المشرع من وراء تحديد أجل التعرض حماية مصالح طالب التحفيظ بعدم الإبقاء على الأجل مفتوحا دون تحديد و لتسريع مسطرة التحفيظ، وإنشاء الرسم العقاري، مما ينعكس إيجابا على تنشيط الاستثمارات العقارية. 
لكن بالمقابل هناك من ينتقد تحديد أجل التعرض باعتباره لا يحقق مصلحة المتعرض نظرا لارتباط تاريخ بداية أجل التعرض بنشر إعلان التحديد المؤقت بالجريدة الرسمية، وهو الأمر الذي لا يتلاءم مع درجة الوعي القانوني لدى شريحة هامة من المواطنين، إذ أن الغالبية العظمى لا تعلم بوجود مثل هذه الجريدة الرسمية المختصة بنشر القوانين والإعلانات القانونية والإدارية. 
ومن تم يخلص هذا الرأي إلى أن الدور الموكول للمحافظ بهذا الخصوص هو دور خطير من شأنه أن يعرض حقوق المتعرضين للضياع خاصة بعد إنشاء الرسم العقاري الذي يضفي عليه الفصل 62 الصفة لنهائية. 
ولهذا كان من الضروري البحث عن صيغة توفيقية تمكن من تجاوز تضارب المصالح بين طالب التحفيظ والمتعرض، وإيجاد قواعد ومعايير تضبط حقوق الطرفين وتضمن عدم التفريط بمصلحة أحدهما على حساب الآخر، لذا أوجد المشرع استثناءا لقاعدة إغلاق باب التعرضات بعد فوات الأجل القانوني، وفتح المجال لإمكانية قبول التعرض المقدم خارج الأجل القانوني، طبقا لما نص عليه الفصل 29 من قانون التحفيظ العقاري. 
فما هو الإطار القانوني الذي يضبط ممارسته من حيث الجهة المختصة بقبوله وحدود صلاحياتها، وشروط قبوله، ومدى قابلية قرار القبول أو الرفض للمراقبة القضائية في ضوء القانون 14.07؟. 

أولا - الجهة المختصة بتلقي التعرضات خارج الأجل القانوني.
 

قبل إقرار قانون 14.07 كان الاختصاص بتلقي التعرضات الاستثنائية التي تظهر بعد انصرام الأجل القانوني موكولا إلى جهتين وهما: المحافظ العقاري ووكيل الملك. 
وتبدأ صلاحية المحافظ العقاري في إمكانية تلقي مثل هذا التعرض من اليوم الموالي لانتهاء أجل التعرض القانوني (شهران من تاريخ نشر إعلان التحديد المؤقت بالجريدة الرسمية) إلى غاية إحالة ملف مطلب التحفيظ على المحكمة الابتدائية المختصة للبت في التعرضات المسجلة لديه، إذ ينزع منه الاختصاص بتلقي أي تعرض مهما كانت جديته، وإذا لم تكن هناك تعرضات سابقة على المطلب، فصلاحيته تمتد إلى ما قبل تحفيظ العقار وإنشاء الرسم العقاري . 
أما وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية فيبتدئ اختصاصه بتلقي التعرضات خارج الأجل بمجرد إحالة ملف مطلب التحفيظ على المحكمة المختصة من طرف المحافظ العقاري، وهذه الإحالة لا تتم إلا في حالة تسجيل تعرض أو أكثر على مطلب التحفيظ مقبول من طرفه ، ومن هنا كانت نقطة بداية انعقاد الاختصاص لوكيل الملك هي تاريخ إحالة الملف على كتابة الضبط بالمحكمة المختصة، ولن يحال الملف على هذه الأخيرة إلا في حالة تسجيل تعرضات، ويفهم من ذلك أن وكيل الملك لم يكن بإمكانه التدخل في مسطرة التعرضات إذا لم يتم تسجيل أي تعرض سابق على مطلب التحفيظ لدى المحافظ العقاري. 
غير أن القانون 14.07 جاء بخصوص هذا الموضوع بتغيير هام وجوهري يتمثل في إلغاء أي دور لوكيل الملك في تلقي التعرضات خارج الأجل القانوني بعد إحالة ملف مطلب التحفيظ على المحكمة الابتدائية المختصة، وأبقى هذا الاختصاص حكرا على المحافظ على الأملاك العقارية لوحده، فما هي حدود صلاحياته ومتى تبدأ ومتي تنتهي وفق القانون الجديد؟ 
للإجابة على هذا التساؤل لابد من التمييز بين احتساب بداية الاختصاص ونهايته: 
1- بالنسبة لاحتساب بداية الاختصاص، هنا لا جديد ولا إشكال مقارنة بالوضع السابق حيث يبدأ احتساب الاختصاص من اليوم الموالي لانتهاء أجل التعرض ( أي اليوم الذي يلي انتهاء أجل شهرين محسوبة من تاريخ الإعلان عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية). 
2- أما فيما يخص احتساب نهاية الاختصاص، فالأمر يتطلب تدقيقا و توضيحا وذلك من خلال التمييز بين حالتين: 

أ‌- حالة تسجيل تعرض جدي واحد أو أكثر سابق داخل الأجل القانوني: 

وهذه الحالة تفرض إحالة الملف على القضاء، وفيها ينتهي اختصاص المحافظ على الأملاك العقارية في تلقي التعرضات خارج الأجل بمجرد توجيه الملف إلى المحكمة الابتدائية المختصة، وهنا أيضا لا يوجد اختلاف أو إشكال بين الوضع السابق والوضع الجديد وهذا ما يستشف من قراءة الفصل 29 الذي جاء فيه:" بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه، يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية.....شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية"؛ 
لكن السؤال المطروح هو متى يتم هذا التوجيه؟ وهل يملك المحافظ بهذا الخصوص سلطة مطلقة أم مقيدة في الزمان؟ 
الجواب على هذا السؤال نجده في الفقرة الأخيرة من الفصل 32 التي حددت للمحافظ أجلا أقصاه ثلاثة أشهر يبتدئ من تاريخ انتهاء أجل التعرض القانوني من أجل توجيه مطلب التحفيظ و التعرضات المسجلة عليه على المحكمة المختصة؛ وبذلك يمكن القول بأن المحافظ، في حالة عدم إلغائه للتعرضات المقدمة إليه، فهو يملك تحت يده زمن 3 أشهر من تاريخ انتهاء أجل التعرض يصبح بعد انصرامه ملزما بإحالة الملف على القضاء. 
أما من فاتته فرصة التعرض داخل الأجل القانوني، فهو يتوفر نظريا على ثلاثة أشهر لكنه لا يملك زمنها بالكامل بين يديه إذ أن إمكانية الاستفادة من هذه المدة في تقديم التعرض الاستثنائي قد تضيق أو تتسع وذلك مرهون بالوقت الذي يتخذ فيه المحافظ مبادرة الإحالة على المحكمة المختصة. 

ب‌- حالة عدم تسجيل أي تعرض سابق داخل الأجل القانوني:
 

وفي هذه الحالة تمتد صلاحية المحافظ في تلقي التعرضات الاستثنائية خارج الأجل إلى ما قبل تحفيظ العقار وإنشاء الرسم العقاري، لكن الجديد في قانون 14.07 هو أنه حدد في الفصل 30 أجلا للمحافظ أقصاه الثلاثة أشهر الموالية لانتهاء أجل التعرض من أجل القيام بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع الإجراءات المقررة في القانون، ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها، وعدم وقوع أي تعرض. ومعنى ذلك أن المحافظ وبعد انتهاء أجل التعرض القانوني دون تسجيل أي تعرض يملك زمن ثلاثة أشهر لتلقي التعرضات الاستثنائية، فإذا انصرم هذا الأجل أصبح ملزما بتحفيظ العقار أو رفضه، في المقابل لا يملك من فاتته فرصة التعرض داخل الأجل القانوني هذا الزمن بالكامل كما سلف الذكر بل قد يضيق أو يتسع بحسب الوقت الذي يتخذ فيه المحافظ قرار التحفيظ. 
ويمكن القول أنه بإلغاء دور وكيل الملك في تلقي التعرضات خارج الأجل، يكون المشرع قد رجح كفة طالب التحفيظ في مقابل إضعاف موقف المتعرضين، إذ بعد أن يحيل المحافظ على الأملاك العقارية مطلب التحفيظ رفقة التعرضات المسجلة على المحكمة المختصة، لن يعود بإمكان المتعرضين أية فرصة في تقديم تعرضهم في حالة ما إذا فاتتهم فرصة التعرض أمام المحافظ على الأملاك العقارية خاصة وأن القانون 14.07 لم يترك الباب مفتوحا للمحافظ لتلقي التعرضات خارج الأجل بدون تقييد زمني وإنما حدد له سقفا زمنيا أوجب عليه احترامه كما سبق الإشارة إليه وتأيد هذا الموقف بأحكام القضاء . 

ثانيا- شروط قبول التعرض خارج الأجل القانوني.
 

لم يكن الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري ينص على أية شروط موضوعية محددة يترتب عن توافرها أو عدم توافرها قبول أو رفض التعرض المقدم خارج الأجل باستثناء ما تضمنه من بيان وقت اختصاص كل من المحافظ ووكيل الملك باتخاذ القرار المذكور، ولعل غياب هذه الشروط القانونية ، قد يوحي بأن المحافظ العقاري يملك سلطة تقديرية واسعة في قبول أو رفض التعرض المقدم خارج الأجل القانوني، يتعذر على القضاء مراقبتها الأمر الذي قد يضر بمصالح الأطراف المعنية سواء كان طالب التحفيظ في حالة القبول أو المتعرض في حالة الرفض، ولملأ هذا الفراغ ، ومن أجل توحيد الاجتهاد الإداري في الموضوع، كان المحافظ العام قد أصدر مذكرة رقم 5829 بتاريخ 25/10/2001 الموجهة إلى جميع المحافظين العقاريين والتي يهدف من ورائها إلى ضبط شروط تطبيق الفصل 29 إذ أكد على الطابع الاستثنائي لمقتضياته وحث المحافظين على عدم التوسع في استعماله إلا بعد التأكد من توفر شرطين أساسيين وهما: 
1- وجود سبب معقول يبرر عدم إمكانية المتعرض تقديم تعرضه داخل الأجل القانوني. 
2- توفر المتعرض على حجج ووثائق قوية متعلقة بالعقار موضوع مطلب التحفيظ، كافية لإقناع المحافظ بأن مطالبه جدية. 
وإلى جانب الشرطين المذكورين كان الاجتهاد القضائي للمحاكم الإدارية قد أضاف شرطا ثالثا وهو وجود تعرضات سابقة" . 
وبرأيي، فإن التفسير الذي أعطاه الاجتهاد القضائي لنص الفصل 29 يتجاوز روح النص، ويتعدى مجرد التفسير إلى تضييق وتقييد نطاق تطبيقه عندما اشترط سبقية وجود تعرضات من أجل إمكانية قبول التعرض الاستثنائي خارج الأجل، وهو شرط لم ينص عليه مشرع التحفيظ العقاري، ولو كانت له نية في اشتراطه لنص عليه صراحة ضمن مقتضيات الفصل29. 
ويبدو أن القانون 14.07 قد وضع حدا للاجتهاد القضائي السائد من قبل والذي كان يشترط وجود تعرض سابق أو أكثر لقبول التعرض الاستثنائي خارج الأجل القانوني، حيث نص الفصل 29 بشكل صريح لا لبس فيه ولا غموض على إمكانية قبول هذا التعرض "ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق" هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم يعد المحافظ على الأملاك العقارية يملك سلطة تقديرية بشأن التعرض الاستثنائي خارج الأجل بل أصبحت سلطته مقيدة بموجب القانون 14.07 إذ أصبح ملزما بمطالبة المتعرض بما يلي: 
1- الإدلاء بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل؛ 
2- الإدلاء بالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه؛ 
3- تأدية الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو الإدلاء بما يثبت حصوله على المساعدة القضائية. 
وتجب الإشارة بأن الشرطين الأول والثاني كانا موضوع مذكرة المحافظ العام رقم 5829 بتاريخ 25/10/2001 السالفة الذكر الموجهة إلى المحافظين العقاريين، غير أن المشرع ارتقى بها اليوم إلى مجال القانون بعد أن كانت منظمة في إطار منشور . 

ثالثا- الرقابة القضائية لقرار رفض أو قبول التعرض الاستثنائي خارج الأجل.
 

كان الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري في ظل ظهير 12 غشت 1913 يلتزم الصمت بشأن إمكانية الطعن في قرار رفض أو قبول التعرض خارج الأجل الذي يمكن أن يتخذه المحافظ العقاري . 
إذ في كلتا الحالتين من المحتمل أن يتضرر من موقفه أحد الأطراف المعنية، قد يكون طالب التحفيظ في حالة القبول لأن ذلك سيؤدي إلى تمديد مسطرة التحفيظ مما سيضر بمصلحته، وقد يكون المتعرض في حالة الرفض لان ذلك سيحرمه من إمكانية الدفاع عن حقوقه المحتج بها في مواجهة مطلب التحفيظ أمام القضاء، لذا فإن احتمال الطعن في قرار المحافظ برفض أو قبول التعرض خارج الأجل واردة سواء من لدن طالب التحفيظ أو المتعرض. 
وقد تضاربت مواقف المحاكم المغربية سواء كانت تنتمي لجهة القضاء العادي أو القضاء الإداري حيث لازالت مواقفها غير منسجمة ولا موحدة بخصوص الطعون الموجهة ضد قرارات المحافظ العقاري بصفة عامة، و قراره المتخذ في إطار الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري المتعلق بالتعرض خارج الأجل القانوني بصفة خاصة وإن كان الموقف الراجح يميل في اتجاه قبول مراقبة مشروعيته من طرف القضاء الإداري . 
غير أن ذلك لم يمنع المحكمة الابتدائية بالعرائش من قبول الطعن ضد قرار المحافظ العقاري برفض تعرض خارج الأجل ضد مطلب التحفيظ، مبررا رفضه بانتهاء أجل تقديم التعرضات، حيث أصدرت حكمها بتاريخ 17/11/2003 ، برفض الطلب بعلة أن المدعين لا يتوفرون على أسباب موضوعية تبرر لهم حق الاستفادة من الأجل الاستثنائي، وبذلك تكون المحكمة الابتدائية بالعرائش قد منحت لنفسها الاختصاص للبت في طلب الطعن ضد قرار رفض التعرض خارج الأجل القانوني. 
غير أن المشرع تدخل بموجب القانون 14.07 ليضع حدا لكل الاجتهادات القضائية في الموضوع ويذهب في اتجاه إخراج قرار المحافظ بشأن التعرض الاستثنائي خارج الأجل من دائرة المراقبة القضائية وذلك حين نص الفصل 29 في فقرته الثالثة والأخيرة: " يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي ". 
وتثير هذه الفقرة حقيقة عدة ملاحظات نبسطها كما يلي : 
• تكتسي هذه الفقرة خطورة بالغة أكثر من خطورة الفصل 62 بالنظر لما تضمنته من منع صريح لأي طعن قضائي في مقابل مرونة الصيغة التي وردت في الفصل 62 "إن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن"، فهذه الصيغة قد يلتف عليها القضاء ليفسرها تفسيرا ضيقا بحيث يجعلها مقتصرة على الطعن الإداري ولا تشمل الطعن القضائي، في حين أن الصيغة الواردة في الفصل 29 جاءت جامدة بحيث لا تحتمل أي تأويل أو تفسير؛ 
• يمثل التحصين التشريعي لقرار رفض التعرض المقدم خارج الأجل مساسا بالضمانات الدستورية الممنوحة للأفراد والجماعات في مجال القضاء ولا سيما حق التقاضي المضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه و عن مصالحه التي يحميها القانون بموجب الفقرة الأولى من الفصل 118 من الدستور،كما يشكل مخالفة دستورية بليغة للفقرة الثانية من نفس الفصل التي تنص على إمكانية الطعن في أي قرار اتخذ في المجال الإداري سواء كان تنظيميا أو فرديا أمام القضاء الإداري، وبناء على مقتضيات الفصل 118 من الدستور يمكن أن نقول بعدم دستورية الفقرة الثانية من الفصل 29 السالف الذكر، وبما أن الجهات المختصة بإحالة القوانين على المجلس الدستوري لم تتخذ المبادرة بإحالة القانون المذكور عليه للنظر في مدى مطابقته للدستور، لم يعد هناك من طريق أمام أي شخص متضرر لتفادي تطبيق الفقرة المذكورة سوى اللجوء إلى تقنية الدفع بعدم الدستورية طبقا للفصل 133 من الدستور والتي سيحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيقها؛ 
• يمكن القول بأن التحصين التشريعي (غير الدستوري)ينصرف فقط لقرار رفض التعرض المقدم خارج الأجل ما يعني أن المتضرر منه هو المتعرض، لكن لا ينبغي إغفال أن المحافظ على الأملاك العقارية قد يتخذ قرارا بقبول التعرض الاستثنائي خارج الأجل يمكن أن يتضرر منه طالب التحفيظ، والسؤال المطروح هنا هل يشمل التحصين التشريعي هذا القرار الايجابي أيضا بحيث يمنع طالب التحفيظ من مخاصمته قضائيا؟ في تقديري الشخصي لا يمكن مد التحصين التشريعي إلى هذا القرار و ذلك في إطار الالتزام بالتفسير الضيق للفقرة الثالثة من الفصل 29 التي حصنت قرار رفض التعرض فقط . 

المطلب الثاني 
مستجدات المراقبة القضائية لقرارات رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب
 

البند الأول 
الأحكام العامة للتحفيظ والتقييد والتشطيب 


أولا- الأحكام العامة للتحفيظ :
 

يتلقى المحافظ العقاري طلبات التحفيظ ويتابع إجراءات مسطرة التحفيظ وفق الضوابط القانونية المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، ومسطرة التحفيظ وفق النظام المعمول به في المغرب تبتدئ إداريا وتنتهي إداريا حتى وإن تخللتها مرحلة قضائية في حالة وجود تعرضات قانونية، إذ يقتصر دور قضاء التحفيظ العقاري على البت في التعرضات، ثم يحيل الملف برمته على المحافظ العقاري الذي يملك صلاحية اتخاذ قرار بتحفيظ العقار في اسم طالب التحفيظ أو اتخاذ قرار برفض التحفيظ كليا أو جزئيا تحت مسؤوليته وأخذا بالاعتبار بطبيعة الحال أحكام القضاء بشأن التعرضات. 
ونص القانون 14.07 على بعض الحالات والأسباب التي يمكن أن يستند إليها المحافظ على الأملاك العقارية لتبرير قرار رفض أو إلغاء مطلب التحفيظ،وهي كالتالي: 
1- إذا تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب عنه عن حضور عمليات التحديد أو عدم قيامه بما يلزم لإجراء عملية التحديد دون الإدلاء بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار، حيث يعمد المحافظ إلى إلغاء مطلب التحفيظ طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 23 من ظهير 12غشت1913 كما وقع تغييره وتتميمه. والملاحظ هنا أن صلاحية المحافظ بالإلغاء أصبحت مقيدة بتوجيه إنذار وانتظار أجل شهر، كما أن صلاحيته في تقييم مقبولية العذر أو عدم مقبوليته تخضع لرقابة القضاء. 
2- إذا تعذر على المحافظ على الأملاك العقارية أو نائبه إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك ( الفصل 23 فقرة 2 )، وهي حالة جديدة نص عليها القانون 14.07 لم يكن منصوصا عليها قبل التعديل، وتثير هذه الحالة تساؤلا مشروعا هو: ألا يعد ظهور نزاع حول الملك بمناسبة إجراء التحديد بمثابة تعرضات على مطلب التحفيظ تستدعي من المحافظ أو نائبه التعامل معه قانونا ضمن هذا الإطار بدل النظر إليه كسبب معرقل لانجاز عملية التحديد يمكن أن يؤدي إلى إلغاء مطلب التحفيظ؟؛ 
3- إذا لم يقم طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة مسطرة التحفيظ وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر( بعد أن كان الأجل 6 أشهر قبل التعديل) من يوم توصله بإنذار من المحافظ على الأملاك العقارية بواسطة عون من المحافظة العقارية أو بالبريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ (الفصل 50 من ظ.ت.ع). 
إلى جانب هذه الأسباب، هناك أسباب أخرى يمكن أن نستشفها من مقتضيات الفصل 30 من القانون 14.07 والتي يمكن أن يستند عليها المحافظ على الأملاك العقارية في رفض التحفيظ وهي: 
1. حالة عدم شرعية الطلب؛ 
2. حالة عدم كفاية الحجج المدلى بها من طرف طالب التحفيظ لتأييد مطلبه ؛ 
3. حالة صدور حكم قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به ، يقضي بصحة تعرض معين في مواجهة مطلب التحفيظ، إذ يمكن للمحافظ أن يلغي مطلب التحفيظ سواء كليا أو جزئيا بالاستناد إلى الحكم المذكور؛ 
وأهم تغيير جاء به القانون رقم 14.07 هو منحه للمحافظ على الأملاك العقارية صلاحية تقدير سبب إلغاء مطلب التحفيظ خارج نطاق الأسباب المحددة بالقانون وذلك ما يستشف من مقتضيات الفصل 38 المعدل الذي جاء في أولى فقراته "في حالة رفض مطلب التحفيظ لأي سبب كان وفي أية مرحلة من مراحل المسطرة..." 

ثانيا- الأحكام العامة للتقييد والتشطيب .
 

لا تخفى أهمية إشهار التصرفات القانونية الواقعة على العقارات المحفظة من حيث ضمان الحقوق المترتبة عليها وحمايتها ،فكيفما كان السند المؤيد للحق، أوجب القانون ضرورة تقييده بالرسم العقاري لينتج آثاره القانونية اتجاه أطراف العقد أو الغير، إذ أن تقييده بالرسم العقاري هو بداية الوجود القانوني له، وابتداء من تاريخ التقييد . 
لذا فإن عدم متابعة أطراف العلاقة لإجراءات تقييد الحق في الرسم العقاري كيفما كان مصدره سواء تعلق الأمر بعقد بيع للعقار كله أو جزء منه أو عقد كراء طويل الأمد، أو عقد انتفاع أو رهن أو حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به يقضي باستحقاق حقوق معينة لشخص معين، فإن ذلك يجعل الحق غير جدير بالحماية في نظر القانون. 
وبإجراء المحافظ لعملية تقييد الحقوق بالسجل العقاري، يجعلها قائمة ومنتجة لأثارها إزاء الجميع ولا تزول هذه الآثار إلا بالتشطيب على قيدها في السجل العقاري ، وهذا ما نص عليه الفصل 91 من قانون 14.07، بالقول " مع مراعاة أحكام الفصل 86 أعلاه، يمكن أن يشطب على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين، في مواجهة الأشخاص الذين يعنيهم هذا الحق.". 
ويتولى المحافظ العقاري عملية تقييد الحقوق وإشهارها بالرسم العقاري أو التشطيب عليها بعد التثبت من الحجج والمستندات المؤيدة لها . 
ومن أهم المستجدات التي جاء بها القانون 14.07 في مجال التقييد نذكر ما يلي: 
- تخفيض آجال التقييد من 18 شهر إلى 3 أشهر( الفصل 65 مكرر فقرة أولى)؛ 
- إلغاء المهلة الإضافية التي كان بإمكان المحافظ منحها لطالب التقييد( 6 أشهر) من أجل استكمال إجراءات التقييد إذا تعذر عليه تقييد الحق لعدم توفر الإثباتات والحجج اللازمة للقيام بالتقييد؛ 
- إقرار الغرامة المالية التصاعدية بعد أن كانت ثابتة في حالة عدم المبادرة إلى تقييد التصرفات القانونية داخل الأجل وتأدية رسوم المحافظة العقارية (غرامة مالية تساوي خمسة في المائة من مبلغ الرسوم المستحقة، وذلك عن الشهر الأول الذي يلي تاريخ انقضاء الأجل المذكور و 0,5 في المائة عن كل شهر أو جزء من الشهر الموالي له ( بعد أن كانت الغرامة المالية تساوي مبلغ الرسم المستحق على التسجيل) (الفصل 65 مكرر فقرة ثانية)؛ 
- منح صلاحية الإعفاء من الغرامة المالية لمدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح والخرائطية بدل وزير الفلاحة في حالة القوة القاهرة وهذا ينسجم مع تحول الوكالة إلى مؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري؛ 
- إلغاء وظيفة الوسيط التي كان يقوم بها المحافظ بين طالب التقييد وقابض التسجيل والتمبر في حالة ما إذا كان العقد غير مستوف لإجراء التسجيل حيث كان يطلب إرفاق الطلب بنسخة من العقد وإلا امتنع عن تلقي طلب التقييد ( تم إسقاط هذه الفقرة من الفصل 70)؛ 
وقد أناط المشرع بالمحافظ تحت مسؤوليته مهمة التحقق من هوية المفوت أو طالب التشطيب وأهليته وكذا من صحة الوثائق المدلى بها تأييدا للطلب شكلا وجوهرا(الفصل 72). 
كما ألزم المشرع المحافظ على الأملاك العقارية بأن يتحقق من أن التقييد أو التشطيب موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم العقاري ومقتضيات قانون التحفيظ العقاري وأن الوثائق المدلى بها تجيز التقييد أو التشطيب ( الفصلان 74 و94 ). 
و إذا قدمت في آن واحد عدة طلبات متعلقة بنفس العقار فإنه ينص على ذلك بسجل الإيداع وتقيد الحقوق بنفس الرتبة، فإن تنافى بعضها مع البعض رفض المحافظ على الأملاك العقارية التقييد( الفصل 76/2 ). 

البند الثاني 
قابلية قرار رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب للطعن القضائي:
 

ونميز هنا بين مرحلة ما قبل القانون رقم 14.07 ومرحلة ما بعد القانون المذكور بالنظر لبعض التغييرات الجوهرية الطارئة في الموضوع. 

أ‌- مرحلة ما قبل صدور القانون رقم 14.07 :
 

وتتميز المراقبة القضائية لقرار رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب في هذه المرحلة بما يلي: 
1- إن الطعن القضائي ضد قرار رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب كان منظما بمقتضى الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري 12 غشت 1913 الذي ينص: " في حالة ما إذا رفض المحافظ تحفيظ العقار أو تسجيل حق عيني أو التشطيب عليه بسبب عدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم، فإن قراره يكون قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف. 
والأحكام الاستينافية يمكن الطعن فيها، عن طريق النقض وتبلغ للأطراف حسب نفس الشروط والشكل المقررة بالفصل 47 المشار إليه أعلاه".هذا من جهة، ومن جهة أخرى الفصل 10 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 بشأن ضبط التفاصيل المتعلقة بتطبيق نظام التحفيظ العقاري إذ نص بأنه "في حالة ما إذا رفض المحافظ أن يحفظ عقارا كلا أو بعضا أو أن يسجل حقا عينيا أو يشطب عليه بالسجلات العقارية فإن قراره يجب أن يكون معللا وأن يبلغ للطالب بدون تأخير . 
ويكون هذا القرار قابلا للطعن القضائي المنصوص عليه في الفصل 96 من ظهير 9 رمضان 1331 موافق 12 غشت 1913 المذكور وذلك داخل أجل شهر واحد من تبليغه...". 
2- تطبيقا لشرط الدعوى الموازية، فالجهة القضائية المختصة بمراقبة قرار رفض التحفيظ أو التشطيب أو التقييد هي جهة القضاء العادي استثناء من المبادئ العامة التي تمنح الاختصاص العام للقضاء الإداري لمراقبة مشروعية القرارات الإدارية كيفما كان مصدرها استنادا للقانون 90.41 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية؛ 
3- من الناحية الهيكلية نظم المشرع المراقبة القضائية لقرار رفض التحفيظ في القسم الثاني المخصص لإشهار الحقوق العينية العقارية بالفصل 96 الذي نظم في نفس الوقت المراقبة القضائية لقرار رفض تسجيل حق عيني او التشطيب عليه، وهو تجاور كان محل انتقاد لعدم انسجامه مع الهيكلة العامة لقانون التحفيظ العقاري إذ أن مكانه الطبيعي كان هو القسم الأول المخصص للتحفيظ؛ 
4- استنادا إلى الفصل 96 من ظ.ت.ع وضع الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض المبادئ الأساسية للمراقبة القضائية لقرار المحافظ برفض التقييد أو التشطيب حيث وزع الاختصاص بين القضاء العادي والقضاء الإداري من خلال تبني معيار التفسير الضيق لمقتضيات الفصل 96 حيث اعتبر بأن قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب يكون قابلا للطعن أمام القضاء العادي، متى كان قراره معللا بعدم صحة الطلب أو عدم كفاية الحجج ، ومتى كان قراره معللا بسبب آخر، أصبح الاختصاص منعقدا للقضاء الإداري طبقا للمبدأ العام، وهو الاجتهاد الذي تواترت عليه محكمة النقض في قراراتها ، إذ اعتبرت قرارات المحافظ والمحافظ العام قرارات إدارية قابلة للطعن بالإلغاء وفقا للمبدأ العام، وأن الاستثناء الوارد في المادة 96 من ظهير التحفيظ العقاري يجب أن يفسر تفسيرا ضيقا ينحصر فيما إذا كان قرار المحافظ برفض التحفيظ التسجيل أو التشطيب مبررا بعدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم. 
وقد سارت على نفس النهج المحاكم الدنيا سواء الإدارية أو العادية وإن بدرجات مختلفة. 
وقد أكدت محكمة النقض موقفها هذا بوصفها مرجعا استئنافيا بعد إحداث المحاكم الإدارية في قرارها المؤرخ في 3-12-1998 بقولها : " إن من الواضح أن القرارات التي تصدر عن المحافظ على الملكية العقارية تعتبر مبدئيا قرارات إدارية لأنها صادرة عن سلطة إدارية إلا أن المشرع استثنى من دائرة هذه القرارات التي تصدر في ظل الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري وهي التي تتعلق برفض تحفيظ العقار أو تسجيل حق عيني أو التشطيب عليه بسبب عدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم حيث جعل هذه القرارات قابلة للطعن أمام المحكمة الابتدائية . 

ب‌- الوضع في ظل القانون رقم 14.07: 

جاء القانون المذكور بتعديلات شكلية وجوهرية أساسية في الموضوع نتطرق إليها كالتالي: 
- من الناحية الشكلية عالج هذا القانون الخلل الهيكلي الذي كان يعتري النص القانوني المنظم لهذه المراقبة القضائية والذي سبقت الإشارة إليه بأن تم فصل المراقبة القضائية لمشروعية قرار رفض التحفيظ عن النص المرجعي المنظم للمراقبة القضائية لقرار رفض تقييد حق عيني أو التشطيب عليه وهو الفصل 96 من ظ.ت.ع، وخصص القانون رقم 14.07 فصلا مستقلا إضافيا ضمن الفرع الخامس من الباب الثاني من القسم الأول المخصص للتحفيظ وهو الفصل 37 مكرر الذي نص على ما يلي: 
"يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ أن يعلل قراره ويبلغه لطالب التحفيظ. 
يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستيقاف وتكون القرارات الاستينافية قابلة للطعن بالنقض"؛ 
- حافظ القانون رقم 14.07 على نفس قواعد الاختصاص القضائي بأن منح المراقبة القضائية لقرار رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب للقضاء العادي مكرسا بذلك الاحتفاظ بوجود الدعوى الموازية باعتبار أن عدم وجودها هو شرط من شروط قبول دعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري؛ 
- فك القانون 14.07 الارتباط بين مراقبة القضاء العادي لقرار رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب وسبب هذا الرفض الذي كان مقتصرا على حالتي عدم صحة الطلب وعدم كفاية الحجج في إطار التفسير الضيق الذي أخذت به محكمة النقض لمقتضيات الفصل 96 السالف الذكر علما أن هذا التفسير لم تنضبط له جميع المحاكم، وأصبح الاختصاص القضائي الموكول للقضاء العادي عاما ومطلقا يشمل جميع الحالات التي يرفض فيها المحافظ تحفيظ العقار أو تقييد حق عيني أو التشطيب عليه بدون استثناء بصريح النص، ومن شأن ذلك أن يرتب نتائج هامة كالتالي: 
• رفع اللبس والغموض الذي كان سائدا والذي كان من نتائجه تضارب مواقف القضاء وخاصة بين جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري، ففي حين يتجه الأول نحو التصريح باختصاصه والبت في جميع الطعون القضائية الموجهة ضد قرار رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب دون الالتفات إلى سبب الرفض كان القضاء الإداري حريصا على الالتزام بالتفسير الضيق، وبالتالي البحث في سبب الرفض وكان يصرح باختصاصه فقط في حالة ما إذا كان الرفض مبنيا على سبب غير عدم صحة الطلب وعدم كفاية الحجج؛ 
• لن يصبح القضاء الإداري مختصا بالنظر في الطعون الموجهة ضد قرارات المحافظ على الأملاك العقارية التالية: 
1. قرار إلغاء مطلب التحفيظ بسبب تخلف طالبه عن حضور عملية التحديد المؤقت ( الفصل 23 من ظ ت ع )؛ 
2. قرار إلغاء مطلب التحفيظ بسبب استنكاف طالب التحفيظ عن متابعة مسطرة التحفيظ (الفصل 50 من ظ ت ع ). 
3. قرار رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب لسبب آخر غير عدم صحة الطلب وعدم كفاية الحجج؛ 
- نص القانون 14.07 بشكل واضح على إلزامية تعليل قرار رفض التحفيظ أو التقييد أو التشطيب وضرورة تبليغه إلى المعني بالأمر، الأمر الذي لم يكن منصوصا عليه في ظل مقتضيات الفصل 96 من ظ .ت.ع وترك الأمر لمقتضيات القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 بشأن ضبط تفاصيل تطبيق النظام العقاري للتحفيظ في مادته العاشرة، وبذلك تم الارتقاء بإلزامية التعليل والتبليغ من مستوى النص التنظيمي إلى مستوى القانون انسجاما مع مقتضيات القانون رقم 03.01 الصادر في 2002.8.12 المتعلق بإلزام إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية، ويترتب عما سبق نتيجة هامة وهي أن قرينة المشروعية أصبحت ملازمة فقط للقرارات الإدارية الفردية المعللة، وبالمقابل أصبحت قرينة عدم المشروعية ملازمة للقرارات الإدارية الفردية السلبية غير المعللة؛ 

المطلب الثالث 
مدى قدرة قرار التحفيظ المحصن على الإفلات من الرقابة القضائية 
في ضوء القانون 14.07 والفصل 118 من الدستور الجديد. 

لم يدخل القانون 14.07 تعديلا جوهريا على الفصل 62 باستثناء بعض التعديلات الشكلية على مستوى اللغة والمصطلحات،فقد حافظ المشرع للرسم العقاري على آثاره الثلاثة وهي النهائية وعدم القابلية للطعن والتطهير. 
وقد استطاع الفصل 62 الصمود في وجه القضاء بالرغم من كون المحاكم الإدارية اتخذت موقفا إيجابيا من مبدأ قبول الطعن في قرار التحفيظ غير أنها لم تستطع إلغاءه عند مناقشة الجوهر. وهكذا رفضت المحكمة الإدارية بوجدة طلب إلغاء قرار المحافظ العقاري القاضي بتحفيظ العقار استنادا إلى مقتضيات الفصول 30 و62 و97 ، كما أن المحكمة الإدارية بفاس في حكمها الصادر في 1/10/1997 والمؤيد بقرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى الصادر في 16/7/ 1998 كانت قد كيفت دعوى الإلغاء التي رفعها الطاعنون ضد قرار التحفيظ بعلة بطلان إجراءات التحفيظ انطلاقا من عملية التحديد على أساس أنها طعن موجه ضد قرار الإعلان عن انتهاء التحديد وذلك لتفادي الاصطدام بمقتضيات الفصلين 62 و64 من ظهير التحفيظ العقاري حيث انتهت إلى إلغائه . 
فقد سبق للمحكمة الإدارية بوجدة في حكمها الصادر في 8/3/2000 – والذي صدر في ظل الدستور السابق- في معرض إجابتها على الدفع المتعلق بعدم قابلية قرار التحفيظ للطعن استنادا إلى مقتضيات الفصل 62 من ظهير 12 غشت 1913، أن فسرت عدم القابلية للطعن بأنه لا يشمل الطعن بالإلغاء، وقررت مبدءا عاما يسري على أي قرار إداري تم تحصينه تشريعيا ضد الطعن مفاده " أن الطعن بالإلغاء ضد المقررات الإدارية يهدف إلى حماية الشرعية، ولا يمكن أن يفلت منه أي مقرر إداري ولو تعلق الأمر بمقرر إداري صدر في إطار قانون ينص على عدم قابليته للطعن مادام أن مبدأ مراقبة الشرعية يعتبر مبدئا دستوريا. 
وبقدر ما أشد على يد المحكمة الإدارية بوجدة التي اجتهدت وأبدعت ورفعت من قيمة مبدأ مراقبة الشرعية الذي يجب أن يطوق كل المقررات الإدارية ولو كانت محصنة تشريعيا ، حيث ارتقت به إلى مصاف المبادئ الدستورية، بقدر ما أتساءل هل يعد مبدأ مراقبة الشرعية بالفعل مبدءا دستوريا في ظل الدستور المنسوخ الصادر في 7 أكتوبر 1996 ؟ 
فبمراجعة فصول الدستور الملغى، لا نجد من بين الضمانات الدستورية المنصوص عليها في بابه الأول أي أثر لدسترة مبدأ مراقبة الشرعية أو حق التقاضي أو منع تحصين القرارات الإدارية في القوانين حماية للشرعية، بخلاف بعض الدساتير العربية التي حرصت على دسترة مثل تلك المبادئ، ونذكر على سبيل المثال الدستور المصري الذي نص في مادته 68 بأن " التقاضي حق مضمون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحضر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء" وأيضا الدستور الأردني الذي ينص في مادته 102 : " تمارس المحاكم النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية حق القضاء على جميع الأشخاص في جميع المواد المدنية والجزائية بما فيها الدعوى التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها، باستثناء المواد التي قد يفوض فيها حق القضاء إلى محاكم دينية أو محاكم خاصة بموجب أحكام هذا الدستور أو أي تشريع آخر نافذ المفعول" . 
من أجل ذلك، كانت الحاجة ملحة إلى ضرورة تعزيز الضمانات الدستورية للمواطنين من خلال دسترة بعض المبادئ من قبل ضمان حق التقاضي ومقاضاة الإدارة وحماية رقابة الشرعية ومنع تحصين أي قرار إداري من الرقابة القضائية. 
وبالفعل حصل هذا التطور في ظل الدستور الجديد الذي نص على العديد من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية وعزز من الضمانات الدستورية للأفراد والجماعات، ومن هذه الضمانات دسترة حق التقاضي ورقابة شرعية القرارات الإدارية، حيث نص الفصل 118 من الدستور الجديد الصادر بتنفيذه لظهير الشريف المؤرخ في 29 يوليوز 2011 بأن" حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون. كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة." 
ومما لا جدال فيه أن هذا النص الدستوري ستكون له آثاره الايجابية في اتجاه تطوير الفكر القانوني والاجتهاد القضائي من زاويتين: 
فمن زاوية أولى، لن يكون في إمكان أي قرار إداري، وكيفما كانت الجهة المصدرة له، الإفلات من رقابة الشرعية أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة حتى ولو كان محصنا بمقتضى القانون، كما لن يكون في مقدور أي سلطة أو هيئة إدارية الاحتجاج بالتحصين التشريعي لقراراتها من أجل الدفع بعدم قبول دعوى الإلغاء، وهذا ما ينطبق على قرار التحفيظ الصادر عن المحافظ العقاري المحصن بالمادة 62 من ظ.ت.ع، و أيضا على قرار رفض التعرض المقدم خارج الأجل القانوني المحصن بالمادة 29 المعدلة بالقانون 14.07. 
ومن زاوية ثانية، نفترض أن يفتح هذا النص الدستوري الباب مستقبلا لبروز اجتهاد قضائي يدفع في اتجاه توحيد الجهة القضائية المختصة بنظر الطعون المقدمة ضد قرارات المحافظ العقاري وذلك لفائدة جهة القضاء الإداري، ومن تم وضع حد لمسألة توزيع الاختصاص بين القضاء العادي والقضاء الإداري على اعتبار أن ظهير التحفيظ العقاري المعدل بالقانون 14.07 والقرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 المكمل له يمنح الاختصاص للقضاء العادي بموجب نصوص قانونية صريحة من أجل البت في الطعون الموجهة ضد بعض أنواع القرارات الصادرة عن المحافظ العقاري وهي : 
- قرار رفض التحفيظ (الفصل 37 مكرر من ظ.ت.ع)؛ 
- قرار رفض تقييد حق عيني أو التشطيب عليه ( الفصل 96 من ظ .ت .ع)؛ 
- قرار المحافظ تصحيح الأغلاط المادية تلقائيا بالرسم العقاري أو رفض التصحيح بناء على طلب وفقا للمادة 29 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 بشأن تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري ؛ 
- قرار رفض تسليم نظير الرسم العقاري أو الشهادة العقارية الخاصة بالتقييد( المادة 103 من ظ.ت.ع)؛ 
في حين ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري للبت في الطعون الموجهة ضد غيرها من قرارات المحافظ العقاري لانعدام الدعوى الموازية؛ ويستند هذا التأويل إلى الفصل 118 من الدستور المشار إليه أعلاه، وهو نص دستوري أسمى من قانون التحفيظ العقاري والنص التنظيمي المكمل له، الذي يحدد جهة القضاء الإداري كجهة مختصة برقابة شرعية كل قرار إداري سواء كان فرديا أو تنظيميا. 

وفي نهاية هذه الدراسة، نشير بأنه كنا نأمل أن يكون الدستور الجديد أكثر صرامة في هذا الموضوع بحيث يمنع منعا صريحا تحصين القرارات الإدارية من الرقابة القضائية وذلك حتى يقطع الطريق على السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية من أن تفكر مستقبلا في تحصين أي قرار إداري، لكن رغم ذلك فإن مقتضيات الفصل 118 من الدستور توفر ضمانات دستورية كافية للأفراد والجماعات من أجل حقهم في التقاضي ، كما توفر الأساس الدستوري الكافي الذي يمكن أن يستند عليه القضاء الإداري ليبسط رقابته على مشروعية أي قرار إداري ولو كان محصنا تشريعيا ./. 



مستجدات التقييد الاحتياطي على ضوء القانون رقم 07. 14 المغير والمتمم لقانون التحفيظ


مستجدات التقييد الاحتياطي على ضوء القانون رقم 07. 14 المغير والمتمم لقانون التحفيظ




مستجدات التقييد الاحتياطي على ضوء القانون رقم 07. 14 المغير والمتمم لقانون التحفيظ




الدكتور العربي محمد مياد

التصميم 
• التعريف 
• خصائص التقييد الاحتياطي 
• أنواع التقييد الاحتياطي 
• أنواع التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص خاصة 
• لتجاوز سلبيات التقييد الاحتياطي 
• مدى قابلية التقييد الاحتياطي للتشطيب؟ 
• مسطرة التشطيب 
• حالة خاصة في التشطيب على التقييد الاحتياطي 
• الخلاصة العامة 

التعريف 

يعرف الفقه التقييد الاحتياطي بأنه الإجراء الذي يقوم به صاحب حق تعذر عليه تسجيله لسبب من الأسباب ، ليضمن لنفسه في المستقبل إمكانية هذا التسجيل عند زوال المانع ، 

وعلى هذا الأساس يكون دور التقييد الاحتياطي ينحصر في الحفاظ على حقوق محتملة من الضياع لأسباب شكلية أو في انتظار إعلانها من طرف السلطة القضائية والتي غالبا ما يكون المستفيد قدم بشأنها طلبا للمحافظ على الأملاك العقارية . 

مثال : تعذر تقييد عقد البيع بسبب عدم تسجيله لدى إدارة التسجيل أو بسبب عدم إرفاقه بشهادة التقسيم والملف التقني إذا تعلق الأمر باستخراج القطعة الأرضية المبيعة من الرسم العقاري الأصلي ، أو أن هذا الملف التقني لم يعد من طرف مهندس طبوغرافي مساح محلف مقيد في جدول الهيأة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين 

استأذنا المرحوم مأمون الكزبري : التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي ج 1 ط 2 سنة 1987 مطبعة شركة الهلال العربية للطباعة والنشر الرباط ص 

خصائص التقييد الاحتياطي 

أولا: الطابع المؤقت للتقييد الاحتياطي 

إذا كان تسجيل الحقوق العينية المتعلقة بعقار محفظ تعتبر تسجيلات نهائية من حيث المبدأ ، ولا يمكن التشطيب عليها إلا لأسباب موضوعية من قبيل الاتفاق أو بناء على حكم قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به ، عكس التقييد الاحتياطي الذي يبقى تقييد مؤقتا ، لا يمنح للمستفيد منه أي حق على العقار موضوع التقييد الاحتياطي ، غير انه يحفظ له بصفة مؤقتة حقوقا محتملة إلى حين استيفاء الشروط الشكلية الضرورية لجعل الحق العيني قابلا للتسجيل النهائي. 

وفي هذا الإطار قضت محكمة الاستئناف بالرباط أن "دور التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري هو المحافظة المؤقتة على حق موجود ، لكن منازع فيه وينتظر من القضاء أن يعطي كلمته فيه ، وإما على حق تعذر استكماله لتأخر توفره على شكلية من الشكليات . 

وهذا ما أكد عليه الفصل 85 من القانون رقم 07. 14 السالف الذكر الذي ينص على أنه يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا ، ويتم تضمين التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري وكذا بنظيره. 

ثانيا :التقييد الاحتياطي يخول صاحبه حق الأولوية في الرتبة 

ينص الفصل 85 أعلاه، ان تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يحدد رتبة التقييد اللاحق للحق المطلوب الاحتفاظ به وهذا يعني أنه يحدد ترتيب الأولوية بين الحقوق المتعلقة بالعقار الواحد حسب ترتيب تقييدها باستثناء الحالة التي تقدم في آن واحد عدة طلبات متعلقة بنفس العقار فإنه ينص على ذلك بسجل الإيداع وتقييد الحقوق بنفس الرتبة ، فإن تنافى بعضها مع البعض رفض المحافظ على الأملاك العقارية التقييد . 

وقد قضى المجلس الأعلى2 (محكمة النقض حاليا) أن تاريخ التقييد الاحتياطي في عقار محفظ هو الذي يعتبر لتعيين رتبة التسجيل اللاحق للحق 

قرار عدد 929 صادر بغرفتين بتاريخ 22 مارس 2006 في الملف المدني عدد 744/ 1/ 4/ 01 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ـ الإصدار الرقمي مايو 2007 عدد 67 ص 302 

قرار عدد 929 صادر بغرفتين بتاريخ 22 مارس 2006 في الملف المدني عدد 744/ 1/ 4/ 01 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ـ الإصدار الرقمي مايو 2007 عدد 67 ص 302 

ثالثا :التقييد الاحتياطي إجراء تحفظي 

إن المشرع بتنصيصه على مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية مسؤولية شخصية عن فساد وبطلان ما ضمن بالرسم العقاري جعل المحافظون يتعاملون بصرامة مع كل الوثائق المدلى بها من طرف ذوي الحقوق سواء تأكيدا لمطالب التحفيظ أو من أجل تسجيل الحقوق العينية أو الشخصية القابلة للتسجيل 

وللتلطيف من هذه الصرامة منح المشرع للمستفيد المحتمل مسطرة استثنائية تتمثل في سلوك التقييد الاحتياطي كإجراء وقائي وتحفظي للاعتراف مؤقتا بالحق المترتب على عقار محفظ إلى حين زوال المانع المسطري من التقييد . 

وكثيرا ما يتم اللجوء إلى المسطرة المذكورة مخافة أن تصير الحقوق المحتملة مهددة إذا ظلت خفية3 . 

3 محمد ابن الحاج السلمي المرجع السابق ص 20 

أنواع التقييد الاحتياطي 

1/ التقييد الاحتياطي بناء على سند 
La prénotation sur titre
 

التعريف: يعرف التقييد الاحتياطي بناء على سند بأنه التقييد الذي يقوم به المحافظ على الأملاك العقارية بناء على سند يبرره ، ويستنتج هذا الاتجاه من مضمون الفصل 85 المشار إليه أعلاه الذي ينص على أنه يضمن طلب التقييد الاحتياطي من طرف المحافظ بالرسم العقاري بناء على سند يثبت حقا على عقار ويتعذر على المحافظ تقييده على حالته . 

والملاحظ أن هذا الفصل لم يحدد طبيعة هذا السند، إلا أنه مع ذلك اشترط أن يكون هذا السند مثبتا لحق قابلا للتسجيل، والمتمثلة أساسا في جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء سواء تعلق الأمر بالهبات أو البيوعات والأكرية التي تفوق مدتها 3 سنوات ، وكذلك كل الحوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد على السنة غير مستحقة الأداء أو الإبراء منه ، بالإضافة إلى جميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري والأحكام القضائية التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به . 

مسطرة التقييد الاحتياطي: قد حدد الفصل 86 من قانون التحفيظ العقاري مسطرة التقييد الاحتياطي ، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي : 

ـ تقديم طلب إلى المحافظة العقارية المختصة مرفقا بالسند المثبت للحق المدعى فيه، وبما يفيد أداء الصائر؛ 
ـ يسجل هذا التقييد بنظير الرسم العقاري 
ـ تحدد في 10أيام مدة صلاحية هذا التقييد ؛ 
ـ لا يحق للمحافظ للقيام بتقييد آخر؛ 
ـ قبول التقييد الاحتياطي بناء على سند مقيد بعدم وجود نص قانوني يمنع هذا التقييد ، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للعقارات المثقلة بحجوزات أو إنذارات عقارية ، ذلك ان الفصل 87 من قانون التحفيظ العقاري ينص على أن 'كل حجز أو إنذار لحجز عقاري يجب أن يبلغ إلى المحافظ على الأملاك العقارية الذي يقيده بالرسم العقاري ، وابتداء من تاريخ هذا التقييد لا يمكن إجراء أي تقييد جديد خلال جريان مسطرة البيع الجبري للعقار المحجوز . 

والتساؤل المطروح هل المحافظ ملزم بالاستجابة التلقائية لطلبات التقييد الاحتياطي بناء على سند ؟ 

ـ لا يوجد ما يلزم المحافظ على الأملاك العقارية على الاستجابة التلقائية لطلب التقييد الاحتياطي 
ـ من واجبه رفض التقييد المذكور إذا لم يدل الطالب بنظير الرسم العقاري ، والكل تحت مسؤوليته الشخصية. 
ـ إذا ما رام المحافظ رفض طلب التقييد الاحتياطي ، يتعين عليه تعليل قراره مع تبليغه إلى المعني بالأمر بجميع الطرق القانونية للتبليغ. 

2/ التقييد الاحتياطي بناء على أمر قضائي 
La prénotation sur ordonnance
 

u[أ ـ مفهوم الأمر القضائي ]u 
يقصد بالأمر القضائي في مفهوم الفصل 85 أعلاه ،ذلك الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بهذه الصفة ، وليس بصفته قاضيا للمستعجلات ، يخول بمقتضاه للمحافظ بإجراء تقييد احتياطي في السجل العقاري ضمانا لحق محتمل يدعيه الطالب ، ولا يدخل هذا الأمر في إطار ما تضمنه الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بالأوامر المبنية على الطلب والمعاينات لأن هذا الأخير نص عام. 

u[ب ـ مسطرة الحصول على أمر قضائي بالتقييد الاحتياطي ]u 
ـ تقديم طلبا إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختص متضمنا للشروط الشكلية والموضوعية المتطلبة لرفع الدعاوى ، وذلك اعتمادا سواء على مقال مكتوب أو تصريح يدلى به محام مقبول للترافع ، أو موظف عمومي متى تعلق الأمر بالدولة على الخصوص . 
ـ يجب أن يتضمن المقال أو المحضر موضوع الدعوى ، والوقائع ، والوسائل المثارة ، مع إرفاقه بالمستندات التي تثبت الحقوق المحتملة للطالب . 

ج ـ مفعول التقييد الاحتياطي بناء على أمر قضائي 
يحدد مفعول التقييد الاحتياطي بناء على الفصل 86 المشار إليه آنفا في 3أشهر ابتداء من تاريخ صدوره عوضا عن 6 أشهر التي كان معمول بها قبل التعديل ، ما لم ينجز التقييد النهائي للحق ، وتكون هذه المدة قابلة للتمديد بأمر من رئيس المحكمة شريطة تقديم دعوى في الموضوع ، ويستمر مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي . 

وهذا يعني أن المستفيد ملزم بالإدلاء بشهادة عقارية تثبت القيام بهذا الإجراء تحت طائلة التشطيب على التقييد الاحتياطي بناء على أمر قضائي . 


3/التقييد الاحتياطي بناء على مقال 
استنادا إلى الفصل 85 من قانون التحفيظ العقاري يحق لكل شخص ذاتي أو معنوي يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا بناء على نسخة مقال دعوى مرفوعة أمام قضاء الموضوع . 

والمقصود هنا بالقضاء العادي ، القضاء المختص نوعيا بالنظر في الدعوى المتعلقة باستحقاق العقار أو المطالبة بحقوق عينية . 

وقد نصت المادة 13 من القانون رقم 08. 39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقم 178. 11 . 1 بتاريخ 22نونبر 2011 أن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها اتجاه الغير إلا من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا . 

وقد ميزت المادتان 9 و 10 من نفس القانون بين نوعين من الحقوق، الحقوق العينية والحقوق التبعية ، ويدخل في حكم الحقوق العينية على سبيل الحصرالحقوق التالية: 

ـ حق الملكية: حق الملكية حق عيني يخول صاحبه دون غيره حق الاستعمال والاستغلال والتصرف ولا يقيده في ذلك إلا القانون أو الاتفاق . 

ـ حق الارتفاق والتحملات العقارية: حق الارتفاق حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص آخر. 
ـ حق الانتفاع : حق الانتفاع حق عيني يخول للمنتفع استعمال عقار على ملك الغير واستغلاله تنقضي مدته بموت المنتفع . 

ـ حق العمري: حق العمري حق عيني قوامه تمليك منفعة عقار بغير عوض يقرر طول حياة المعطى له أو المعطي أو لمدة معلومة 

ـ حق الاستعمال: حق الاستعمال حق يخول للمستفيد استعمال عقار على ملك الغير وتنقضي مدته بموت المستعمل ، على أن ينص في العقد المنشئ لهذا الحق على طبيعته العينية . 

ـ حق السطحية : حق السطحية حق عيني قوامه ملكية بنايات أو منشآت أو أغراس فوق أرض الغير . 

ـ حق الكراء الطويل الأمد:حق عيني يخول صاحبه كراء عقار الغير لمدة تفوق 10سنوات دون أن تتجاوز 40 سنة وينقضي بانقضائها ، ويمكن تفويت هذا الحق , 
ـ الحبس: وهو كل مال حبس أصله بصفة مؤبدة أو مؤقتة وخصصت منفعته لفائدة جهة بر وإحسان عامة 
أو خاصة ، ويتم إنشاؤه بعقد ،أو بوصية ، أو بقوة القانون . 
ويكون الوقف إما عاما أو معقبا ،أو مشتركا 

ـ الزينة: الزينة حق عيني يخول صاحبه ملكية البناء الذي شيده على نفقته فوق أرض الغير , 

ـ الهواء والتعلية : الهواء والتعلية حق عيني قوامه تملك جزء معين من الهواء العمودي الذي يعلو بناء قائما فعلا يملكه الغير ، وذلك من أجل إقامة بناء فوقه تسمح به القوانين والأنظمة. 

و يضاف إلى ما سبق الحقوق العرفية المنشاة على وجه صحيح قبل دخول هذا القانون ، حيز التنفيذ. 

والجدير بالتنبيه أن الحقوق العينية أعلاه واردة على سبيل الحصر ولا يمكن إضافة أي حق آخر إلا بمقتضى القانون. 

أما الحقوق العينية التبعية فهي واردة كذلك على سبيل الحصر وهي كالتالي: 

ـ الامتيازات : الامتياز حق عيني تبعي يخول للدائن حق الأولوية على باقي الدائنين ولو كانوا مرتهنين 

ـ الرهن الحيازي : الرهن الحيازي حق عيني يتقرر على ملك يعطيه المدين أو كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بدين ويخول الدائن المرتهن حق حيازة المرهون وحق حبسه إلى أن يستوفي دينه . 

ـ الرهن الرسمي : الرهن الرسمي حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ ويخصص لضمان أداء دين . 

وترفع الدعوى أمام القضاء طبقا لما ورد في الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية شريطة إثبات توافر شروط التقاضي من أهلية ومصلحة وصفة . 

هذه بصفة إجمالية أهم أنواع التقييدات الاحتياطية التقليدية كما وردت في قانون التحفيظ العقاري ، يضاف إليها أنواع أخرى وردت في نصوص متفرقة كما سنوضح أذناه . 


أنواع التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص خاصة 


1/ التقييد الاحتياطي بناء على مقتضيات قانون نزع الملكية 
خول المشرع بمقتضى الفصل 25 من القانون رقم 81. 7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 254. 81. 1 بتاريخ 6 مايو 1982 لنازع الملكية إمكانية تقديم طلب أمام المحافظ على الأملاك العقارية من أجل تسجيل تقييد احتياطي في الرسم العقاري متى تعلقت مسطرة نزع الملكية بعقار محفظ أو حقوق عينية مترتبة عليه ، شريطة أن يدعم الطلب بالأمر القضائي الصادر بالحيازة. 

ولا ينتهي مفعول هذا التقييد إلا بتسجيل الحكم الناقل للملكية ، ويسري بأثر رجعي إلى تاريخ إجراء التقييد الاحتياطي. 

2/ التقييد الاحتياطي بناء على قانون تسنيد الديون الرهنية 
عرف الفصل 2 من القانون رقم 98. 10 المتعلق بتسنيد الديون الرهنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقـــم 193. 99. 1 بتاريخ 25غشت 1999 بأن تسنيد الديون الرهنية بأنها العملية المالية المتمثلة في قيام صندوق توظيف جماعي للسند بشراء رهنية يؤدي ثمنها بواسطة حصص ممثلة لتلك الديون وعند الاقتضاء بواسطة إصدار اقتراض سندي معتمد على تلك الديون ، وذلك وفق الأحكام الواردة في هذا القانون . 

عملية تسنيد الديون هي العملية التي تقوم بموجبها مؤسسة الائتمان بالتخلي جزئيا عن ديونها المضمونة برهن رسمي من الدرجة الأولى لفائدة مؤسسة ائتمان أخرى تدعى صندوق التوظيف الجماعية للسند ، مقابل استصدار مجموعة من القيم المنقولة قابلة للتداول في البورصة ، وتكون هذه القيم مماثلة لقيمة الرهون المتخلى عنها . 

واستنادا إلى المادة 24 من القانون أعلاه ، يقيد احتياطيا على الرسوم العقارية المثقلة بالرهون عزم المؤسسة المبادرة على تفويت كل دين رهني وارد في المستند المتعلق بتفويت الديون الرهنية إلى مؤسسة التدبير والإيداع عن طريق تسليم ذلك المستند وذلك بواسطة تصريح موقع ومصادق عليه يودعه ممثلوا مؤسسة التدبير والإيداع القانونيون لدى المحافظة العقارية المختصة . 

3/ التقييد الاحتياطي بناء على مدونة تحصيل الديون العمومية 
طبقا لمقتضيات المادة 115 من القانون رقم 97. 15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية الصادر بتنفيذها الظهير الشريف رقن 175. 00. 1 بتاريخ 3مايو 2000 كما وقع تعديله وتتميمه يمكن للمحاسب المكلف بالتحصيل ، بناء على الإعلام بالتصحيح أن يطلب التقييد الاحتياطي وفق الشروط المحددة في المادة 85 من ظهير التحفيظ العقاري . 

ويكيف هذا الطلب على انه طلب بناء على سند كما رأينا أعلاه . ويبقى التساؤل المطروح ما هي الديون العمومية التي يمكن أن تكون أساسا لهذا المطالبة، ثم من المقصود بالمحاسب العمومي ؟ 

عرفت المادة 2 من مدونة تحصيل الديون العمومية ،الديون العمومية بأنها: 

ـ الضرائب المباشرة للدولة والرسوم المماثلة؛ 
ـ الضريبة على القيمة المضافة؛ 
ـ الحقوق والرسوم الجمركية ؛ 
ـ حقوق التسجيل والتنبر ؛ 
ـ مداخيل وعائدات أملاك الدولة ؛ 
ـ حصيلة الاستغلالات والمساهمة المالية للدولة؛ 
ـ الغرامات والآذنات النقدية ؛ 
ـ سائر الديون الأخرى المستحقة للدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية التي يعهد بقبضها للمحاسبين المكلفين بالتحصيل ، باستثناء الديون ذات الطابع التجاري المستحقة لفائدة المؤسسات العمومية؛ 
وعلى هذا الأساس سوى المشرع بين الديون المستحقة لفائدة الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية مادام يعهد بتحصيلها لمحاسب معين طبقا للقانون لهذا الغرض. ويستثنى من هذه الحماية الديون ذات الطابع التجاري المستحقة للمؤسسات العمومية . 
لكن ما المقصود بالمحاسب العمومي المكلف بتحصيل الديون العمومية ؟ 
ذكرت المادة 3 من مدونة تحصيل الديون العمومية الأشخاص الذين يعتبرون حصريا محاسبون مكلفون بالتحصيل وهم كالتالي : 

ـ الخازن العام للمملكة ؛ 
ـ الخازن الرئيسي ؛ 
ـ الخزنة الجهويون وخزنة العمالات والأقاليم ؛ 
ـ الخزنة الجماعيون والقباض؛ 
ـ قباض الجمارك والضرائب غير المباشرة ؛ 
ـ كتاب الضبط بمحاكم المملكة بالنسبة للغرامات والمصاريف القضائية ؛ 
ـ الأعوان المحاسبون بالمؤسسات العمومية . 
وهذا يعني أن من حق كل هؤلاء المطالبة بإجراء تقييد احتياطي بناء على سند ضمانا لاستيفاء الديون العمومية ، ويتم هذا التقييد مجانا طبقا للمادة 116 من مدونة تحصيل الديون العمومية . 

4/ التقييد الاحتياطي بناء على القانون المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز 
ينص الفصل 10. 618 من القانون رقم 00. 44 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 309. 02. 1 بتاريخ 3أكتوبر 2002 المتمم بموجبه قانون الالتزامات والعقود على أنه يمكن للمشتري بموافقة البائع إذا كان العقار محفظا أن يطلب من المحافظ على الأملاك العقارية إجراء تقييد احتياطي بناء على عقد البيع الابتدائي وذلك للحفاظ المؤقت على حقوقه .ويبقى هذا التقييد ساري المفعول إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي بالرسم العقاري الخاص بالمبيع . 

ويكيف هذا التقييد على أنه تقييد بناء على سند إلا أن الإجراءات المتبعة لتقييده توافق جزئيا مضمون الفصل 85 من قانون التحفيظ العقاري ، بحيث لا يتم التقييد الاحتياطي إلا بعد موافقة البائع ، على أنه إذا تم هذا التقييد لا يحق للبائع الترخيص بإجراء تقييد ثان لفائدة الغير .وإمعانا في الاحتياط منع المشرع المحافظ على الأملاك العقارية أن يسلم نظير الرسم العقاري للبائع . 

ويسري مفعول هذا التقييد الاحتياطي إلى غاية تقييد البيع النهائي دون اعتبار للمدة. 

5/ التقييد الاحتياطي بناء على القانون المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار 
خولت المادة 5 من القانون رقم 51.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 202. 03. 1 بتاريخ 11نونبر 2003 للمكتري المتملك حق تقديم طلب إلى المحافظ على الأملاك العقارية من أجل إجراء تقييد احتياطي على الرسم العقاري بناء على عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار . 

ويعتبر العقد في مفهوم الفصل 85 من قانون التحفيظ العقاري بمثابة سند ، إلا أنه لا تسري عليه أحكام هذا الأخير من حيث الآجال (10أيام ) وإنما يبقى هذا التقييد قائما إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي في الرسم العقاري المعني ، ويتم تعيين رتبة تقييد العقد النهائي اعتمادا على تاريخ التقييد الاحتياطي . 

ولا يتم هذا التقييد كذلك إلا بعد الإدلاء بنظير الرسم العقاري ، وهو ما يعطي له صفة التقييد الإتفاقي . 


6/ التقييد الاحتياطي بناء على قانون الإصلاح الزراعي 
نص الفص 11 مكرر من القانون رقم 01. 06 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقـــم 277 . 72 . 1 بتاريخ 29 دجنبر 1972 بمثابة قانون يتعلق بمنح بعض الفلاحين أراض فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص على أنه خلافا لمقتضيات الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري يتم التقييد المؤقت بدون صائر لحق المستفيدين على قطعهم بطلب من الإدارة اعتمادا على لائحة الأفراد الموزعة عليهم الأراضي عن طريق التقييد الاحتياطي لحق المعنيين بالدفاتر العقارية متى كان الأمر يتعلق بقطع متأصلة من عقارات محفظة . ولا ينتهي أثر هذا التقييد إلا بطلب من الإدارة وبصفة تدريجية حسب تقييد عقود البيع المبرمة لفائدة الأفراد الموزعة عليهم تلك الأراضي . 

لكن السؤال المطروح ، مدى قابلية التقييد الاحتياطي للتشطيب ؟ 

لتجاوز سلبيات التقييد الاحتياطي تدخل المدير العام للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية وأصدر مذكرة تحت رقم 1703 بتاريخ 13فيراير 2011 أثار فيها انتباه المحافظين على 
الأملاك العقارية على الصعيد الوطني أن بعض أنواع هذه التقييدات تتم بطرقة تعسفية أو بسوء نية مما أدى إلى المساس باستقرار المعاملات العقارية 

وبغية الحد من هذه الإشكالية طلب من المحافظين : 
ـ عدم قبول طلبات التقييد الاحتياطي بناء على سند إلا بعد التأكد من أن السبب في عدم التسجيل النهائي يعود إلى شكليات بسيطة ويمكن تداركها داخل أجل 10 أيام ؛ 

ـ بالنسبة للتقييد الاحتياطي بناء على أمر قضائي ، فإن المحافظ غير ملزم بتقييده إلا إذا كان صادرا عن المحكمة المختصة محليا . 

ـ الأمر القضائي المعول عليه في التقييد الاحتياطي هو الأمر الصادر في مواجهة المالك المقيد في الرسم العقاري ، تماما كما هو الشأن بالنسبة للتقييد الاحتياطي بناء على مقال . 
ـ يمنع الاستجابة إلى طلبات التقييد الاحتياطي إذا تعلق الأمر بالحقوق التالية : 

1ـ الحقوق غير القابلة للتقييد النهائي؛ 
2 ـ حقوق طالها التطهير؛ 
3 ـ المطالبة بديون طبيعية أي طالها التقادم؛ 
4ـ حقوق مكتسبة خلافا للنظام العام . 

هذا وإنه في الحالة التي يتعلق الأمر بتقييد احتياطي يخص جزءا من وعاء الرسم العقاري ، يتعين نقل هذا التقييد إلى الجزء المعني بعد القيام بإجراءات التقسيم أو التجزئة اعتمادا على الملف التقني المنجز من طرف مهندس مساح خاص . 

وإمعانا في التوضيح أصدر المحافظ العام مذكرة رقم 12277بتاريخ 8دجنبر 2011 في موضوع القانــون رقم 07. 14 يغير بمقتضاه الظهير الشريف الصادر بتاريخ 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري حاول من خلالها أن يحيط بمستجدات القانون المذكور ولاسيما الشق المتعلق بالتقييد الاحتياطي وآثاره . 

مدى قابلية التقييد الاحتياطي للتشطيب؟ 

نظرا لما للتقييد الاحتياطي من آثار بالغة على المعاملات العقارية ، تكفل المشرع بمنح وسيلة قانونية للمالك من أجل التخفيف من هذه الآثار تتمثل على الخصوص في مؤسسة التشطيب. 

ـ طبقا للفصل 86 من قانون التحفيظ ، بالنسبة للتقييد الاحتياطي بناء على سند يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية التشطيب عليه تلقائيا بعد انتهاء الأجل المحدد في 10ايام ، 

ـ التقييد الاحتياطي بناء على مقال يستمر مفعوله لمدة شهر ، ويشطب عليه تلقائيا كذلك بعد انصرام الأجل المذكور ، ما لم يدل طالب التحفيظ بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة محليا . 

ـ التقييد الاحتياطي بناء على أمر قضائي ينتهي مفعوله بعد 3 أشهر من صدوره ما لم ينجز التقييد النهائي، يمدد هذا الأجل إلى حين صدور حكم نهائي إذا بادر المعني بالأمر بتقديم دعوى في الموضوع.

مسطرة التشطيب : 

حسب منطوق الفصل 86 من قانون التحفيظ العقاري يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات أن يأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي إذا ما تبث لديه أن الأسباب التي استند عليها طالب التقييد الاحتياطي غير جدية وغير صحيحة . 
ـ لذلك يتعين على كل شخص تضرر من التقييد الاحتياطي أن يتقدم إلى المحافظ على الملاك العقارية بطلب مؤرخ وموقع من طرفه أو من طرف المحافظ على الأملاك العقارية في حالة ما إذا كان الطالب أميا أو عاجزا عن التوقيع يتضمن البيانات التالية : 
ـ العقار الذي يعنيه التشطيب؛ 
ـ التقييد الاحتياطي المراد التشطيب عليه؛ 
ـ سبب التشطيب وتاريخ السند المثبت لذلك . 
والمحافظ على الأملاك العقارية ملزم بالتحقق من الوثائق المقدمة إليه قبل الاستجابة إلى الطلب تحت طائلة قيام مسؤوليته الشخصية . 

ـ في حالة الاستجابة لهذا الطلب يتعين عليه أن يترجم هذه العملية بواسطة قرار مؤرخ وموقع من طرفه تحت طائلة البطلان . 
ـ أما في حالة الرفض يكون ملزما بإصدار قرار معلل مع تبليغه إلى المعني بالأمر بكل الوسائل القانونية ، ويكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية المختصة، وكذا بالاستئناف والنقض . 

لكن هل من حق المحافظ على الأملاك العقارية القيام بالتشطيب على التقييد الاحتياطي تلقائيا بعد تسجيله استنادا إلى حق المراقبة والتحقق من الوثائق المقدمة له ؟ 

لقد سبق للقضاء الإداري أن بت في نازلة ملخصها أن أحد أفراد جماعة سلالية تقدم بدعوى إدارية ضد من اغتصبوا أرضا يملكها على الشياع مع باقي أفراد القبيلة ، وتقدم في نفس الآن بطلب تقييد احتياطي لدى المحافظة العقارية لتسجيله على الرسم العقاري المعني ، فاستجاب المحافظ للطلب ، إلا أن هذا الأخير بعد ذلك أصدر قرارا بالتشطيب على هذا التقييد الاحتياطي بعلة أن التقييد تم بطريقة مخالفة للظهير الشريف المؤرخ في 27 أبريل 1919 بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وهو القرار المطعون فيه لمخالفته القانون. 

وبعد عرض القضية على محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط استنتجت أن المحافظ على الأملاك العقارية إذا كان من حقه عدم تسجيل التقييد الاحتياطي بالسجل العقاري إذا ما تبين له أن مقال الدعوى المعتمد في طلب التقييد لا يستهدف إلى إثبات حق عيني على عقار محفظ ، فإنه ليس من حقه التشطيب تلقائيا على التقييد الاحتياطي الذي سبق تسجيله بدعوى وجود سهو أو غلط استنادا إلى الفصل 29 من القرار الوزاري لسنة 1915 ما دامت هذه المقتضيات لا تشفع له في القيام بهذا التشطيب تلقائيا قبل صدور الحكم في الدعوى التي استند إليها في تسجيل التقييد الاحتياطي 4. 

لكن ما ذا لو لجأ المتضرر إلى رئيس المحكمة مباشرة من أجل التشطيب على التقييد الاحتياطي ، فهل من حق هذا الأخير ان يقضي بعدم قبول الدعوى ؟ 

حسب منطوق الفصل 86 من قانون التحفيظ العقاري يمكن لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات أن يأمر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي إذا ما ثبت لديه أن الأسباب التي استند عليها طالب التقييد الاحتياطي غير جدية أو غير صحيحة . 
وكما هو معلوم فإنه طبقا للفصل 148 من قانون المسطرة المدنية لا يكون قاضي المستعجلات مختصا نوعيا للنظر في الطلب إلا إذا توفرت بعض الشروط منها على الخصوص شرطي الاستعجال وعدم المساس بالجوهر. 


4 قرار عدد 587 بتاريخ 30أبريل 2008 في الملف عدد 252/ 07/ 5منشور على موقع وزارة العدل ، محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط 
ويفهم من الفصل 86 المذكور أعلاه أن المشرع افترض وجود عنصر الاستعجال في طلب التشطيب على التقييد الاحتياطي على اعتبار أن هذا الأخير قد يكون سببا في عرقلة حركية العقار موضوع التقييد المذكور مع ما يترتب على ذلك من تأثير على حرية التصرف والاستغلال للملك العقاري ، بل وقد يؤثر على تقدير قيمته المالية .
 

لكن التساؤل المطروح هل عندما يقوم قاضي المستعجلات بدراسة الوثائق المستدل بها من أجل التأكد من جديتها لا يعتبر تدخله هذا مساسا بالجوهر ؟ 

أمام صراحة النص نرى أن اختصاص قاضي المستعجلات في هذه الحالة لا يخضع للشروط الواردة في الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية وإنما يخضع إلى مضمون الفصل 86 من قانون التحفيظ العقاري لأنه نص خاص ، والذي لا يعتبر مثل هذا التصرف يمس بالحق وإنما يحميه . غير أنه إذا بدا للمحكمة أن طلب التقييد إنما قدم بصفة كيدية أو عن سوء نية بإمكانها الحكم تلقائيا لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية بغرامة لا يقل مبلغها عن 10 % من قيمة العقار أو الحق المدعى به، دون الإخلال بحقوق الأطراف المتضررة في المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن التقييد الاحتياطي التعسفي . والمقصود هنا بالمحكمة هي محكمة الموضوع وليس محكمة الرئيس . 

حالة خاصة في التشطيب على التقييد الاحتياطي 

-التشطيب بقوة القانون- 

ـ طبقا للفصل 11 من القانون رقم 01. 06 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 277 . 72 . 1 بتاريخ 29 دجنبر 1972 بمثابة قانون يتعلق بمنح بعض الفلاحين أراض فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص السالف الذكر وخلافا للفصل 91 من قانون التحفيظ العقاري، يتعين على المحافظ على الأملاك العقارية التشطيب تلقائيا على التحملات والحقوق العينية التي تحول إلى حقوق شخصية يتم الوفاء بها على شكل تعويض يحدد بالتراضي بين الدولة والمستفيدين ، وفي حالة عدم حصول اتفاق حول مبلغ التعويض ، يحدد هذا الأخير كما هو الشأن في نزع الملكية . 

يستشف من هذا الفصل أن المشرع منح المحافظ إمكانية التشطيب التلقائي على التقييد الاحتياطي المقيد على رسم عقاري متعلق بقطع أرضية موزعة في إطار الإصلاح الزراعي على صغار الفلاحين ضمانا لدين أو لحقوق محتملة ، بغية تصفية أملاك الدولة الخاصة ، وفي هذا امتياز لفائدة هذه الأخيرة . 

الخلاصة العامة 

ـ التقييد الاحتياطي مسطرة استثنائية يسلكها كل شخص لم يستطع الحصول على تقييد نهائي لحق محتمل منصب على عقار محفظ لأسباب شكلية ومسطرية. 

ـ يكون التقييد الاحتياطي قابلا للتشطيب تلقائيا أو استنادا إلى أمر أو حكم قضائي نهائي ،أو بإرادة المشرع . 

ـ كثيرا ما يستغل من ذوي النيات السيئة من اجل عرقلة انتقال الملك العقاري وتخفيض قيمته في السوق العقارية. 

ـ يتعين سواء على القضاء أو المحافظين التريث قبل الموافقة على إجراء هذه العملية تحت المسؤولية والضمان . 
ـ المشرع مدعو إلى جعل الموافقة على إجراء التقييدات الاحتياطية من اختصاص القضاء./.