vendredi 28 décembre 2012

حجية الوكالة المبرمة خارج المغرب


حجية الوكالة المبرمة خارج المغرب


الدكتور العربي محمد مياد 





ينص الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية بأنه تكون العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين أيضا قابلة للتنفيذ بالمغرب بعد إعطائها الصيغة التنفيذية ضمن الشروط المقررة في الفصول السابقة. 

والتساؤل المطروح هل المقصود بهذا الفصل جميع العقود المبرمة في الخارج أيا كان مصدرها والجهة التي تصادق عليها، أم أن الأمر محصور فقط على تلك التي تبرم أمام الجهات الرسمية الأجنبية؟ 

بداية لابد من الاشارة إلى أن هذا الفصل جاء في سياق تنظيم المشرع لمسطرة تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية، واشترط لتنفيذها الخضوع لشكليات جوهرية أتى على ذكرها الفصلان 430 و431 من قانون المسطرة المدنية. 

وهكذا نص الفصل 430 على أنه لا تنفذ في المغرب الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية، إلا بعد تذييلها، بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما. 
يجب على المحكمة التي يقدم بها الطلب أن تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته، وأن تتحقق أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي. 

أما الفصل 431 فقد نص على أنه يقدم الطلب، إلا إذا نصت مقتضيات مخالفة في الاتفاقيات الدبلوماسية على غير ذلك، بمقال يرفق بما يلي: 
- نسخة رسمية من الحكم، 
- أصل التبليغ أو كل وثيقة أخرى تقوم مقامه. 
- شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض الاستيناف والطعن بالنقض. 
- ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند الاقتضاء للمستندات المشار إليها أعلاه مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف يصدر الحكم بإعطاء الصيغة التنفيذية في جلسة علنية. 
ويلاحظ بأنه عندما استعمل المشرع مصطلح «أيضا» في الفصل 432 اللاحق إنما جاء بالمقتضيات الواردة في هذا الفصل معطوفة على الفصلين السابقين. 
ومن ثم فإنه لا تنفذ في المغرب العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين الأجانب إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان تنفيذ العقد عند عدم وجودهما. 

وهذا اتجاه سليم حتى يتمكن القضاء المغربي من مراقبة العقود المبرمة في خارج المغرب ومدى مخالفتها للنظام العام وحسن الآداب. لكن في المقابل ما هي الجهة المختصة للتصديق وتصحيح الا مضاءات المتعلقة بالعقود المبرمة من طرف المغاربة فيما بينهم أو حتى بين هؤلاء والأجانب؟ 

بداية لابد من التذكير أن القاعدة في القانون المغربي منح صلاحية الإشهاد على صحة الإمضاء للأشخاص التاليين : 
1ـ رئيس المجلس الجماعي: طبقا للمادة 51 من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 297 . 02 . 1 بتاريخ 3 أكتوبر 2002 ولاسيما الفقرة الثانية فإنه يقوم رئيس المجلس الجماعي بالإشهاد على صحة الإمضاء ومطابقة نسخ الوثائق لأصولها. 
ويحق له تفويض هذه المهام إلى نوابه وكذا إلى الموظفين السامين الجماعيين وعلى رأسهم الكاتب العام للجماعة ثم رؤساء الأقسام والمصالح الجماعية. 
وطبقا للمادتين 42 و43 من القانون رقم 89 . 30 المحدد بموجبه نظام للضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيأتها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 187 . 89 . 1 بتاريخ 21 نونبر 1989 فإنه يستوفى عن التصديق على الإمضاء أو الإشهاد بالتطابق رسم مبلغه درهمان عن كل إمضاء تم تصديقه أو عن كل إشهاد بالتطابق. 

ويثبت أداء هذا الرسم بإلصاق طابع خاص على الوثيقة المطلوب التصديق على الإمضاءات الموضوعة عليها أو على وثيقة الإشهاد بالتطابق. وتتولى الإدارة الوصية إعداد الطوابع المذكورة لحساب الجماعات المعنية. 

2 ـ رئيس مجلس المقاطعة: طبقا للمادة 105 من الميثاق الجماعي المشار إليه أعلاه فإن الاختصاصات الموكولة إلى رئيس المجلس الجماعي في مادة تصحيح الإمضاءات ومطابقة الوثائق لأصولها تنتقل إلى رئيس مجلس المقاطعة داخل الدائرة الترابية للمقاطعة. 
ويمكن لرئيس مجلس المقاطعة أن يفوض بقرار هذا الاختصاص إلى واحد أو أكثر من نوابه طبقا للقوانين الجاري بها العمل، ويعلق هذا القرار شأنه في ذلك شأن قرار رئيس المجلس الجماعي بمقر المقاطعة وبجميع المكاتب الملحقة بها، كما تبلغ إلى العموم بجميع الوسائل المعمول بها في مجال التبليغ والإشهار. 

3 ـ باشا جماعة المشور: استناداً إلى المادة 136 من الميثاق الجماعي فانه يمارس باشا مشور مقر القصر الملكي الاختصاصات المسندة إلى رؤساء المجالس الجماعية، وله أن يفوض بعض اختصاصاته إلى مساعده. 

4 ـ عامل الاقليم: يختص عامل العمالة أو الإقليم بالإشهاد على صحة إمضاءات السلطات الإدارية العاملة داخل النفوذ الترابي التابع له على العقود والوثائق المراد الإدلاء بها خارج المملكة. 
ومما يجب التذكير به أنه بمقتضى المرسوم رقم 607 ـ 94 ـ 2 الصادر في 24 يناير 1995 المغير لظهير 25 يوليوز 1915 المتعلق بتصحيح الإمضاءات أصبح العامل يمارس الاختصاصات التي كانت موكولة للكاتب العام للحكومة. 

5 ـ وكيل الملك: يختص وكيل الملك طبقا لمقتضيات القانون رقم37.99 المتعلق بالحالة المدنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 239. 02 . 1 بتاريخ 3 أكتوبر 2002 بالإشهاد على صحة إمضاءات ضباط الحالة المدنية المتعلقة بالوثائق الموجهة إلى خارج المملكة ويناط طبق المادة 3 من المرسوم المحدد لاختصاصات وتنظيم وزارة العدل الصادر في 23 يونيو 1998 بمديرية الشؤون المدنية القيام بمراقبة عمل النيابة العامة في مجال الحالة المدنية. 

6 ـ وزير العدل والرحريات: يناط بوزير العدل والحريات أو من يقوم مقامه بالإشهاد على صحة الإمضاءات المتعلقة بالوثائق المنجزة من طرف العدول وكذلك الشأن بالنسبة للوثائق الصادرة عن السلطات القضائية إذا كانت موجهة إالى الخارج، ويدخل في حكم هذه الوثائق عقود الزواج ورسوم الطلاق... 

7 ـ رئيس كتابة الضبط: إذا تعلق الأمر بالتصرفات العقارية سواء المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها أو غيرها وتم تحرير العقد من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض فان تصحيح الإمضاءات تتم من طرف رئيس كتابة الضبط للمحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها (المادة 12 من ظهير 3 أكتوبر 2002 القاضي تنفيذ نظام الملكية المشتركة). وكذلك الشأن بالنسبة لبيع العقار في طور الإنجاز (الفصل 3 ـ 618 من قانون الالتزامات والعقود) ونفس الأمر بالنسبة للإيجار المفضي إلى تملك العقار حيث نصت المادة 4 من القانون رقم 51.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 11 نوفمبر 2003 على أنه «يتم تصحيح الإمضاءات بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي لدى رئيس كتابة الضبط للمحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها.ونفس الأمر بالنسبة للمادة 4 من مدونة الحقوق العينية السارية المفعول منذ 24 ماي 2012 
ويسري هذا الأمر حتى بالنسبة للإشهاد بالمطابقة بالنسبة للأحكام والقرارات القضائية. 

8 ـ الاعوان الديبلوماسيون: استنادا إلى الظهير الشريف رقم 60.421 بتاريخ 20 أكتوبر 1969 يتعلق باختصاصات الأعوان الدبلوماسيين والقناصل العاملين بالخارج ولا سيما الفصل 2 يقوم الأعوان الدبلوماسيون والقناصل بمهام ضابط الحالة المدنية ويمارسون اختصاصات السلطات الإدارية للمملكة. 
ولاغرو أن هذه المقتضيات تعتبر تحصيل حاصل مادام أن هؤلاء يمارسون اختصاصاتهم داخل السفارات والقنصليات المغربية التي تعتبر امتدادا قانونيا وسياديا للمملكة المغربية، لذلك فإنهم مؤهلون لتصحيح الإمضاءات الموضوعة على العقود المبرمة من طرف المغاربة المقيمين بالنفوذ الترابي التابع لهم. 


9 ـ وزير الشؤون الخارجية والتعاون: كل الوثائق والمحررات المراد الإدلاء بها بالخارج باستثناء ما ذكر أعلاه، وكذلك العقود والوثائق المحررة من طرف السفراء والقناصل المغاربة بالخارج والمرغوب استعمالها في المغرب تخضع لمصادقة وزير الشؤون الخارجية والتعاون. 

ونعتقد أن هذا التصديق لا يقلل من رسمية تلك العقود وإنما الهدف منه تلافي التزوير الذي قد يطال تصحيح الإمضاء للسلطات الدبلوماسية المغربية بالخارج، والتأكد من صفة وصحة توقيع العون الدبلوماسي. 
وهكذا يلاحظ أن هناك مجموعة من الجهات الإدارية والسياسية تتدخل في مجال تصحيح الإمضاءات المنصبة على الوثائق الرسمية والمحررات العرفية . 
لكن ما يجب التذكير بهم أن الوكالات المبرمة أمام الأعوان الدبلوماسيين المغاربة بالخارج غير معنية بمقتضيات الفصل 432 من قانون المسطرة المدنية شأنها في ذلك شأن سائر العقود المبرمة أمام الموظفين العموميين المغاربة والمنتخبين المختصين، لأن الصيغة التنفيذية الواردة في الفصل المذكور إنما تتعلق بالعقود المبرمة أمام الإدارات الأجنبية والقول بغير ذلك يُعتبر تجن على الفصل 432 المذكور. 
والأمل معقود أن تتدخل وزارة العدل لإبداء رأيها في الموضوع خاصة وأن هناك تفسيرا ضيقا لدى البعض المهنيين قد يؤدي إلى تحميل هذا الفصل أكثر مما ينبغي. 


الخميس 15 نونبر 2012

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire